منتديات آل حبه - العشرة المبشرون بالجنة 18

1- أبو بكر الصديق ( الصديق ) .....18

أبو بكر الصديق و حل المشكلات 2

و لهذه الأسباب التى تم ذكرها فى الحلقة السابقة تمرد على الإسلام هؤلاء الذين تسرعوا فى الدخول فيه دون تفهم و إعتقاد , و قد بدأ بعض هذا التمرد فى الشهور الآخيرة من حياة الرسول صلى الله عليه و سلم ثم إزداد بعد وفاته فظهرت الجماعات التالية :

المتنبئون : و هم الذين إدعوا النبوة .
المرتدون : و هم الذين تركوا الإسلام و عادوا لأديان الجاهلية .
مانعوا الزكاة : و هم الذين توقفوا عن دفع الزكاة .

و هؤلاء فى الحقيقة أسماء مختلفة و لكنها تعبر عن مدلول واحد و هو التمرد بدليل أن الأشعث بن قيس كان من مانعى الزكاة ثم إنضم للمرتدين و كانت كثرة مع الأسود العنسى الذى إدعى النبوة فلما قتل إنضمت للمرتدين و كان أهل اليمامة من المرتدين فلما علا شأن مسيلمة إنضموا له و هكذا .

و يروى أن أبا بكر إستشار الصحابة و المسلمين فيما يفعل أمام هذه المشكلات العظام فإتفق الرأى بعد النقاش على حرب من لا يستجيب للدعوة و يعود للحق و وضعت قريش شبابها و ابطالها تحت إمرة الخليفة فكون أحد عشر جيشا يقودها ابطال المسلمين المشاهير مثل : خالد بن الوليد و عمرو بن العاص و شرحبيل بن حسنة و عكرمة بن أبى جهل و غيرهم .

و قد هز إعداد هذه الجيوش الجزيرة العربية و قبل ان يوجهها أبو بكر فى إتجهاتها المختلفة أرسل كتبا لجماعات المتمردين أجاب فيها على الشبهات التى تخطر لهم و دعاهم للعودة الى رحاب اللإسلام و أنذرهم إن إستمروا على ضلالهم و قد نجحت الكتب مع بعض الناس و بقى آخرون فى تمردهم فإتجهت لهم الجيوش و كانت جولتها ناجحة مظفرة كما سنرى فيما يلى و نحن نتحدث عن كل طائفة على حدة .

الى هنا ينتهى النص المنقول حرفيا من الكتاب بارك الله لكاتبه فى عمره و عمله

النص هنا يكمل معنى تم التمهيد له فى الحلقة السابقة ألا و هو أهمية ألا نرث الدين إرثا بل نجعله إرثا نعتز به و نعززه بالعلم و العمل و العيش من أجله

لهذا نجد أن كثيرا ممن دخلوا الدين الإسلامى عندما دخلوا لمجرد كثرة الفتوحات دون وعى تام بالدين و إقتناع يقينى بتعليماته و أهميتها قد إرتدوا و ظهر من بينهم المتنبئون و مانعوا الزكاة و هذه الحالات الثلاث إنما تنم عن جهل بحقيقة الدين كدستور للحياة و ليس شعارا نرفعه فقط

و ها نحن مرة أخرى أمام خليفة و حاكم يعرف المعنى الحقيقى لمبدأ الشورى و يعرف أهميه أن يلتف الشعب من حوله و لا ينفرد بقراراته

و العجيب فى الأمر أن سيدنا أبو بكر لما إستشار الصحابة و المسلمين كانت البداية عدم الرغبة فى خوض الحرب ضد المرتدين على أساس أن أغلب الجزيرة قد إردت و بالتالى لن تكون لهم طاقة لتخطى هذه الحرب خصوصا أن الرسول صلى الله عليه و سلم ليس بينهم فقد توفاه الله عز و جل و بالتالى فقد فقد المسلمون أفضل عناصر التشجيع و الإصرار و التفانى ألا و هو وجود الحبيب صلى الله عليه و سلم بين ظهرانيهم .

إلا أن إصرار الخليفة على السير فى نفس الطريق التى بدأها الحبيب و السير على خطاه صلى الله عليه و سلم جعل المسلمين يدركون الحقيقة الإسلامية و هى أنه المسلم يعيش فقط لإسلامه و يضحى من أجله و ليس على المسلمين سوى أن يعتمدوا على الله عز و جل بعد أن يأخذوا بالأسباب المتاحة على ألا يتواكلون بل يتوكلون و الفراق بينهما كبير و واضح للجميع

و دوما فى سيرة سيدنا ابو بكر رضى الله عنه نتذكر مبدأ هام رائع جميل يجعلنا نشعر ان الدين لله الخالص هو السبيل الوحيد للنجاه و الفوز فى الدنيا و الآخرة

و قد ذكرنى هذا الموقف بموقف سيدنا أبو بكر لما توفى الرسول صلى الله عليه و سلم و قام الأصحاب و هم لا يصدقون أن نبيهم قد مات و صرخ سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى الناس مهددا إياهم بأن من سيقول ان محمدا قد مات فليضربنه بالسيف و هنا يتجلى موقف من أعظم المواقف لأبى بكر رضى الله عنه الذى قال بكل العقلانية و الإيمان الخالص بالله الواحد و سأنقل لكم نصا هنا من كتاب الرحيق المختوم تأليف فضيلة الشيخ صفى الرحمن المباركفورى و رقم الصفحة 410 و اليكم النص :

و أقبل أبو بكر على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد ( يقصد المسجد النبوى الشريف ) فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمن رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو مغشى بثوبا حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله و بكى ثم قال بأبى انت و أمى يا رسول الله لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة التى قدمت عليك فقد متها 0

ثم خرج أبو بكر و كان عمر بن الخطاب يكلم الناس فقال :أجلس يا عمر فأبى عمر أن يجلس , فأقبل الناس الى أبو بكر و تركوا عمر فقال أبو بكر : أما بعد من كان منكم يعبد محمدا (صلى الله عليه و سلم ) فأن محمدا قد مات و من كان منكم يعبد الله فأن الله حى لا يموت ثم تلى الأية رقم 144 من سورة آل عمران

بسم الله الرحمن الرحيم
( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ )
صدق الله العظيم

قال ابن عباس : و الله لكأن الناس لم يعلموا ان الله انزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها منه الناس كلهم ما أسمع بشرا من الناس الا يتلوها 0

إنتهى هنا النص من كتاب الرحيق المختوم

و دوما يجعلنا سيدنا أبو بكر ننبهر أشد الإنبهار بتماسكه بدينه فى أحلك المواقف و يذكرنا بحقائق إيمانية قد تغيب عن الكثيرين منا فى مثل هذه المواقف العصيبة و لكنه إيمان أبو بكر الراسخ رسوخ الجبال الذى يجعله مرتكزا على حقائق الدين الصافية المنبع التى إستقاها ممن علمه الدين و هو الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم

و أخيرا لن أقول إلا أنه ما جر علينا هذه الويلات التى نعيشها إلا أننا نتعلم من الدين فقط القشور نعم مجرد قشور و لم نتمعن فى المعانى الحقيقية و الحقائق الإيمانية وراء هذا الدين العظيم و لو أردنا ان نفيق من غفلتنا هذه فليس أمامنا إلا تعلم الدين تعلما صافينا نابعا من فهم الأصحاب و آل البيت رضوان الله عليهم أجمعين الذين إستقوا الدين من معين واحد و هو الحبيب صلى الله عليه و سلم .