كنت أحث الخطى للحاق بالصلاة و كانت الأحذية تتناثر عند باب المسجد على الرغم من وجود مكان مخصص لها في الدواليب (لا وعي) و إذا بأحد المصلين الذين يريدون الدخول للمسجد يبعثر هذه الأحذية برجله يمنة و يسرة لإزالتها من أمام الباب (عنف) فسألته لماذا تفعل هذا؟ فأجابني : بما يدل على أن الناس فوضويون، فقلت له: هم أخطأوا لكنك أثمت فلم يرد علي إلا بأن قال: خلهم يتعبون.
نحن أمام موقفين. الموقف الأول: موقف اللاوعي، بوضع الأحذية أمام المسجد و هو موقف يتمنى الإنسان زواله حتى أنه يذكر أن رئيس ماليزيا السابق مهاتير محمد رأى المصلين يسارعون للصلاة و يفعلون هذا بأحذيتهم فقال قولة مؤلمة: هؤلاء لا يصنعون حضارة. و الموقف الثاني: تغيير هذا اللاوعي بالعنف كما فعل صاحبنا، فهل حل المشكلة؟!!! أجزم بأن الجواب : لا. ماذا كان يستطيع أن يفعل؟ إن إشعال شمعة واحدة في الظلام خير من ألف لعنة للظلام و لذلك لو علق صاحبنا لوحة إرشادية على باب المسجد و استجاب ربع المصلين لهذه اللوحة لكان خير له من بعثرة الأحذية من أجل أن يتعب المصلون عند الخروج.
كثيرة هي مواقف اللاوعي في حياتنا و التي تشعر الإنسان باليأس من أن نلحق بركب الحضارة لكن التفكير بالحلول العملية المنتجة أفضل بكثير من الحماس الغير المنضبط و الذي لا يؤتي النتائج باستثناء الدولة فيما تسنه من أنظمة فإن الناس لا يأخذهم إلا الشدة في بعض الأحيان مثل نظام ساهر الذي أرق عيون الفوضويين و أسعد النظاميين.