الحوار الهادف تدريب و توجيه و تهذيب !
إن الحوار الهادف القائم على الأساليب التربوية الجيدة مطلب ضروري في هذه الحياة التي كثرت فيها المشاكل المختلفة , فكانت عاملا رئيسا في انتشار الكثير من الأمراض النفسية و العضوية التي أثقلت كواهل الأفراد والأسر و المجتمعات , فنحن ـ كل وقت و حين ـ محتاجون إلى ذلك الحوار الجيد الذي يقوم على أساليب تربوية ناجحة كالنصح و التوجيه والكلمة الطيبة , أو الإشادة بالسلوك الجيد و الترغيب فيه و الحث عليه ,و التحذير من السلوكيات السيئة , و تصحيح المفاهيم الخاطئة , و عدم الوعيد والزجر الشديد , حتى نكسب القلوب , و نؤثر في النفوس. و هذه الأساليب سمة بارزة من سمات الدين القويم الذي حث على الوعظ و النصح و التوجيه و الإرشاد , وحث الأنبياء و المرسلين على نصح قومهم , و دعوتهم إلى عبادة الله , و نبذ الشرك و الأوثان. فالحوار مطلب ضروري في هذه الحياة ينبغي علينا تطبيقه مع كافة أفراد المجتمع سواء كانوا في الأسرة أو العمل أو المدرسة صغارا كانوا أو كبارا أو غيرها من ميادين الحياة الأخرى . فالحوار الهادف و الهادئ مع الأبناء أو الأصدقاء , أو غيرهم من فئات المجتمع المتقلبة في المشاعر والنفوس يعتبر فنا تربويا له الأثر الطيب في كسب النفوس من خلال التعامل الجيد في الحوار ، ومتى كان أسلوب الحوار قائما على التوجيه و المجادلة بالكلمة الطيبة و المعاملة الحسنة ، و تقدير آراء الآخرين , واحترام مشاعرهم ، و الحرص كل الحرص على تصحيح الآراء و المفاهيم الخاطئة بعيداً عن النقد الجارح , أو تتبع أخطاء الآخرين كان له أثر محمود في النفوس المتقلبة , حيث يحبك الناس , و يتقبلون تلك النصائح و التوجيهات . فإن كان الحوار فنا له فوائد كثيرة في المجتمع , فما دوره في حياة الناس؟! وهل تستخدم فئات المجتمع أسلوب الحوار الجيد اليوم؟! فمن المؤسف ـ حقا ـ أن نرى اليوم كثيراً من فئات المجتمع يسمعون عن الحوار و أساليبه , ولا يدركون أهمية الحوار في الحياة و لا يطبقونه ! بل يستخدمون حوارا غير تربوي ,
فهاهي الأسرة مع أبنائها , و الرئيس مع مرؤوسيه , و المدير مع موظفيه ليس لدى الكثير منهم اليوم الوعي الكافي بالحوار الهادف ، و القائم على التهذيب والتوجيه والإقناع ، بل يستخدمون أسلوب الشدة والحزم افعل هذا , و لا تفعل ذاك , أو التهكم بهؤلاء الأبناء و الآخرين ، ولو لأبسط الأمور , أو السخرية من أخطائهم , مما كان لتلك المعاملة سواء مع الأبناء , أو غيرهم من فئات المجتمع الآثار السلبية على الأبناء والأسر والمجتمع كانتشار الأمراض النفسية و الاضطرابات السلوكية , و ظهور الأمراض الاجتماعية التي تزداد كل يوم و التي أضرت بالأفراد و الأسر المجتمع , فتغيرت النفوس , وامتلأت القلوب أحقادا , و صارت الرحم كل يوم تنادي ذويها و قاطعيها . .فنحن اليوم وكل يوم محتاجون إلى الحوار مع الآخرين صغاراً وكباراً، فعن طريق هذا الحوار الجيد والهادئ نعرف مشاعر الآخرين وسلوكياتهم، فإن وجدنا سلوكا حسنا أشدنا به , و بصاحبه , و شجعنا على التحلي به , و إن رأينا سلوكا سيئا حذرنا منه , و أرشدنا صاحبه إرشادا تربويا . فالحوار يحفظ الشباب من الأفكار المنحرفة , و رفقاء السوء , و يصحح المفاهيم الخاطئة لديهم و التي قد تعصف بهم , و تودي بهم إلى الهلاك و الضياع ـ لا قدر الله ـ لذلك ينبغي على الإنسان أن يكون لديه الوعي بالأسلوب الحواري الجيد , و فن التعامل مع الآخرين , و يطبقه في الحياة.
عبد العزيز السلامة / أوثال