يقول تعالى في محكم كتابه العزيز:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ﴾ ( البقرة ٢٤٣)
قيل إنّ اسم القرية التي خرجوا منها هرباً من وبائها داوردان قُبُل واسط, قال الكلبي والضحّاك ومقاتل أنّ ملكاً من ملوك بني إسرائيل أمرهم أن يخرجوا إلى قتال عدوّهم, فخرجوا فعسكروا ثمّ كرهوا الموت فاعتلّوا وقالوا إنّ الأرض التي نأتيها بها الوباء فلا نأتيها حتّى ينقطع منها الوباء.
فأرسل الله عليهم الموت فلمّا رأوا أنّ الموت كثر فيهم خرجوا من ديارهم فراراً من الموت, فلمّا رأى الملك ذلك قال اللهمّ ربّ يعقوب وإله موسى قد ترى معصية عبادك فأرهم آيةً في أنفسهم حتّى يعلموا أنّهم لا يستطيعون الفرار منك فأماتهم الله جميعاً وأمات دوابهم ومضت ثمانية أيّام حتّى انتفخت وأنتنت أجسادهم فخرج إليهم النّاس فعجزوا عن دفنهم فحظروا عليهم حظيرة دون السّباع وتركوهم فيها.
قالوا وأتى على ذلك مدّة حتّى بليت أجسادهم وعريت عظامهم وتقطّعت أوصالهم فمرّ عليهم حزقيل وجعل يتفكّر فيهم متعجّباً منهم فأوحى الله إليه يا حزقيل تريد أن أريك آية وأريك كيف أحيي الموتى, قال تعم فأحياهم الله.
وقيل إنّهم كانوا قوم حزقيل فأحياهم الله بعد ثمانية أيّام وذلك أنّه لمّا أصابهم ذلك خرج حزقيل في طلبهم فوجدهم موتى فبكى ثمّ قال يا ربّ كنت في قومٍ يحمدونك ويسبّحونك ويقدّسونك فبقيت وحيداً لا قوم لي, فأوحى الله إليه قد جعلت حياتهم إليك فقال حزقيل احيوا بإذن الله فعاشوا.
وسأل عمران بن أعين أبا جعفر الباقر عليه السّلام عن هؤلاء القوم الذين قال لهم الله موتوا ثمّ أحياهم فقال أحياهم حتّى نظر النّاس إليهم ثمّ أماتهم أم ردّهم إلى الدّنيا حتّى سكنوا الدّور وأكلوا الطّعام, قال لا بل ردّهم الله حتّى سكنوا الدور وأكلوا الطّعام ونكحوا النّساء ومكثوا بذلك ما شاء الله ثمّ ماتوا بآجالهم.