السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لا أخفيكم سرا أنني فكرت في طرق للهروب من مقص الرقيب- أخونا و الغالي على قلوبنا أبو ريماس- حيث يصر على أن هذه السلسلة تكون في قسم القصص و أرى أن تبقى في العام لأنها مواضيع تربوية و إن كانت تبدأ بحكاية ففكرت أن أغير العنوان إلى ( ما يحكى أن) ثم قلت أحذف الحكاية أصلا فوجدت الموضوع سيكون مبتورا فما وجدت غير طريقة تلك العجوز التي وجدت قشر موز في الدرج و هي نازلة فأخذت تفكر كيف تتجنب السقوط بسبب هذه الموزة فلما أعياها التفكير قالت : لا حول و لا قوة إلا بالله و تزحلقت عليه و سقطت !!!!!!!!!!! فقررت أن أنزل الموضوع هنا و ليفعل الرقيب ما يفعل!!!!!!
يحكى أن أهل مدينة اعتادوا أن ينصبوا عليهم ملكا لمدة أربع سنوات، فإذا انتهت رموه في صحراء قريبة و يرجعون إليه بعد فترة و قد مات حتى أصبح هذا هاجس كل ملك يملكهم و لم يكن بوسع من يختارونه أن يمتنع عن الملك. وقع اختيار أهل المدينة على رجل منهم و هو لا يريد لكن لم يكن بوسعه أن يمتنع فأيقن أن مصيره بعد أربع سنوات مثل أسلافه. أخذ يفكر في طريقة للنجاة من الموت بعد نهاية حكمه. انقضت الأربع سنون و أتى وقت النفي فأخذوه و طرحوه في الصحراء التي اعتادوا عليها و بعد فترة رجعوا إليه و هم لا يشكون في موته فهالهم أن وجدوه حيا يرزق فكيف نجا؟!!!!!!!
كان الملك طيلة الأربع سنوات يبعث الفلاحين و المهندسين إلى هذه الصحراء ليستصلحوها حتى أحالوها خلال هذه المدة إلى واحة وسط صحراء مهلكة، و أصبحت هذه الواحة تحتوي على مقومات الحياة من مياه و غذاء فنجا الملك من الموت بفضل الله ثم بفضل تخطيطه للمستقبل حتى أن بعض أهل المدينة انتقلوا معه.
التخطيط هو وظيفة الجادين و هو وسيلة للحصول على أفضل النتائج بأقل جهد و أقصر زمن و تأملوا لو أن هذا الملك لم يخطط لتغيير هذه الصحراء فكيف كان سيكون مصيره؟
أين نحن من التخطيط؟!!!!
المتأمل في واقعنا يرى أن أغلب الناس يسير في حياته بالبركة و بدعوى التوكل على الله و نسي أن التخطيط الجاد هو من التوكل على الله. إنه من القصور بمكان أن نعتقد أن التخطيط ينحصر في امور الدنيا. إن التخطيط الحقيقي هو الذي يجعلك تصل إلى رضا الرحمن و تدخل الجنة بأفضل الطرق و أسلمها. طلب العلم و حفظ القرآن و الأعمال الخيرية و الدعوية و الإغاثية كلها تحتاج إلى تخطيط و مع التخطيط السليم تتضاعف النتائج و تتقلص العقبات.
سأضرب لكم مثلا على كيفية إختصار الوقت بالتخطيط الجيد، هب أنك ستسافر إلى مكة أو المدينة أو أي مدينة أخرى و تريد أن توفر لك سكن فلديك طريقتين، إما أن تبحث في الشبكة عن شقق سمعتها جيدة و تحجز لديهم سكنا و تحول لهم الإجار بواسطة البنك لأن أغلب شققنا لا يتعاملون بالبطاقات الإئتمانية فإذا وصلت اتجهت مباشرة إلى شقتك بدون عناء عليك و على أسرتك و الطريقة الأخرى أن تسافر فإذا وصلت أخذت تبحث عن الشقق و قد تمكث ست ساعات تبحث عن سكن مع عائلتك. أليس التخطيط يختصر عليك العناء و الوقت؟!
هذا مثال بسيط على أهمية التخطيط و إلا فالمشاريع المعقدة تحتاج إلى أكثر من ذلك و تحتاج إلى جمع معلومات عن تجارب سابقة و بحث المعوقات المحتملة و طرق حلها و توقعات النجاح و الفشل و أهم شيء في ذلك كله هو الكتابة فلا تدع القلم و الورقة تفارقك و اكتب افكارك و نتائج تخطيطك فإنه وجد أن الذي يكتب يفكر أكثر و أفضل من الذي يقول: (طقها و الحقها)
لم يكن المقصود من المقال إعطاء درس عن التخطيط و أركانه و سبله و لكن إشارات فقط لأهميته و من أراد الإستزادة فسيجدها في مضانها و دمتم بخير