السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كان نندب حظنا ردحا من الزمن على أن شبابنا لايقرأون، و نحاول أن نشجعهم و لا نتقدم إلا خطوات هزيلة ، فلما انفتح الناس على الإنترنت و المواقع و المنتديات بدأت شريحة لا بأس بها من الشباب في القراءة، ففرحنا بذلك أيما فرح فهي علامة جيدة. واجهتنا مشكلة أن شريحة لا بأس بها بدأت تقرأ الشاذ من الكتب الفكرية و الفقهية فأصبحت قرائتهم بؤسا علينا وصرنا كحالالشاعر:-
أعلمه الرماية كل يوم == فلما اشتد ساعدهرماني
و كم علمته نظم القوافي == فلما قال قافيةهجاني
ليست أيها الأخوة تقييدا للحرية فلا تعجلوا علي و ليست تكميما للأفواه و لكن الفتن في هذا الزمان مثل البحر المتلاطم الذي لا تعرف أوله من آخره فإن رأيت في نفسك الشجاعة على خوضه سباحة فستوصف بالشجاعة حتما و لكنك ستموت حتما و أما إن آثرت السلامة فستتهم بالجبن و لكنك ستسلم و السلامة لا يعدلها شيء. إنه برزت في الآونة الأخيرة فئة تقرأ في مناهج مغايرة لما تعلمناه و ما عشناه من حداثة و ليبرالية و النص الجديد أو فتاوى تمييع الدين خاصة فيما يتعلق بحجاب المرأة و شؤونها و القضايا المالية بحجة أنه ليس لعلماء السعودية وصاية علينا فلنا الحرية أن نأخذ ممن نشاء إذا اقتنعنا بأفكارهم و لذلك نقول لهم انظروا حال من سبق فالعاقل من اتعظ بغيره و الشقي من وعظ بنفسه فقد خاض هذا البحر عمالقة من أهل الفلسفة و الكلام و خاضوا معارك مع أهل الإسلام في عصر وهج و قوة الإسلام خاصة أيام الدولة العباسية و آخر الأموية فانظروا ما قالوا.
يقول أحد من خاض هذا البحر بالتشكيك في الثوابتو إعمال العقل المتوهم في نصوص الشريعة :-
لعمري لقد طفت المعاهد كلها == وسايرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعا كف حائر == على ذقنه أو قارعا سن نادم
و هذا الآخر يقول :-
نهاية إقدام العقول عقال == وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا == وغاية دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول دهرنا == سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
بل الآخر يصرح بقوله :- لقد خضت البحر الخضم وتركت أهل الإسلام وعلومهم ، وخضت في الذي نهوني عنه ، والآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لي ، وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي و قال الآخر :- يا ليتني أموت على عقيدة عجائز نيسابور انتهى أقول : لأنها صافية لم تشبها أوساخ أفكار المتحذلقينو العباقرة الوهميين. و يحذر الآخر فيقول :- أكثر الناس شكا عند الموت أرباب الكلام(أهل الكلام الذين يتكلمون في المنطق و يعرضون شرائع الإسلام على المنطق).
يا شباب إنني أكرر بعاطفة جياشة لأخواني:- إنها ليست تقييدا للحرية و لا مصادرة للحقوق و لكن خوض هذه الأفكار مرتقى صعب و إن الناس قد فتنوا في السابق بعلم الكلام و الخوض في الأسماء و الصفات و إن فتنة هذا الزمان هي في العلمانية و الليبرالية و الحداثة و النص الجديد و إني أقول قولا أدين الله به أن علماء السعودية المعتبرين لا يحيدون بالجملة – و أكرربالجملة - عن شريعة محمد صلى الله عليه و سلم فالزموهم تسلموا فلقد رأينا إخوانا لنا في أمريكا و أوروبا و استراليا ممن لم تقيدهم العصبية يأخذون فتاوى علماء السعودية بالقبول افلا يسعنا ما وسعهم. إنها و الله ليست عصبية و لا مناطقية و لكنه خوف على إخواني من الغرق في وحول الأفكار التي تدعي أنها تمثل الإسلام و هي لا تمثله.
يتبادر إلى الذهن سؤال فكيف أعرف أن هذا حق وهذا باطل و كل يستدل بالقرآن و السنة فنقول إنه لا يخلو أمر الإنسان من ثلاث حالات: أن يكون مجتهدا فهذا سيأخذ باجتهاده أو يكون طالب علم كبير فهذا يضع أدلة الفريقين و يتبع ما يترجح لديه و إما أن يكون عاميا مثلنا فهذا يتبع من يثق في دينه و علمه فهو يثق أنه يعلم و يثق أنه لن يفتيه إلا بما يعلم فإن بعض الناس يعلم و لكنه يخضع لضغط الواقع و رغبة الناس في التسهيل و حقوق الإنسان و غيرها فيفتي بغير ما يعلم بمبررات التيسير و التسهيل و غيرها.
هل يحق لنا بعد كل هذا أن نقول ليتهم لم يقرأوا و ليتهم بقوا على بساطتهم بدون أن تلوثهم أفكار العلمانيين و الليبراليين و الحداثيين؟!!!
لن نقول ذلك لكن أملنا في شبابنا كبير بأن يعو حجم التحدي و أن يعرفوا الطريق الموصل إلى رضوان الرحمن.
دمتم بخير