اقتباس:
دار بيننا حديث حول اﻹخلاص في اﻷعمال و أن بعض الناس قد يقترف بعض المعاصي الشائعة مثل حلق اللحية و إسبال الثوب و يكون قلبه سليما و قد يقوم بها غيره و يكون مرائيا فكان مما قلت- و أرجو أنني موفق للصواب- و حديثي عن آحاد اﻷعمال و ليس عن اﻹنسان كله : أن فعل المعصية ليس له إلا احتمال واحد و هو أنها معصية فالذي يحلق لحيته لا نستطيع أن نطلق عليه إلا أنه عاصي في هذا العمل فقط أما الذي يقوم بالطاعة مثل إعفاء اللحية أو تقصير الثوب فله إحتمالان : إما أن يكون مخلصاً النية لله لا يرجو مدح الناس أو أي أمر من أمور الدنيا فهذا طائع في هذا العمل فقط و نرجو له الثواب و إما أن يكون عمل هذا العمل لمدح الناس أو أي أمر من أمور الدنيا فهذا يخشى عليه بل قد يكون - و العلم عند الله- حاله اسوأ من الذي يقترف المعصية ﻷنه دخل باباً من أبواب الشرك و هو الرياء.
|
اقتباس:
كنت أتحدث عن آحاد العمل و إلا قد يوجد إنسان حليق الذقن قدره عند الله أعظم من الملتحي ليس بسبب اللحية و لكن بسبب أعمالا صالحة أخرى أهلته ﻷن يكون في مقام أعلىمن صاحب اللحية لكن ينبغي أن لا يستهين المرء بأي معصية مهما رأى أنها صغيرة فقد تكون مهلكته.
|
اخي العزيز همام
بارك الله فيك وفي قلمك
ورفع قدرك ونفع بك
قال الرسول عليه الصلاة والسلام (انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرىئ ما نوى )
والكل يعرف ان هذا الحديث ثلث العلم ، ويدخل في سبعين بابا من الفقه كما روى الشافعي
وكما ذكرت من بعض المعاصي مثل حلق اللحيه وتطويل الثوب
تعتبر من المعاصى ومخالفه للسنه .
واسمحلي يا عزيزي ان انشر هذا المقال للشيخ أسامه الرفاعي
من باب الفائده
اولاً : هذه نبذه بسيطه عن الشيخ
هو العلامة المربي الشيخ أسامة الرفاعي أحد كبار علماء الشام (سوريا)،
وهو صاحب علم غزير وفضل كبير ووعي عميق، شرح العديد من الكتب،
وله مكانته الجليلة في بلاد الشام، ومسجده هو مسجد عبد الكريم الرفاعي (نسبة لأبيه) بمنطقة كفر سوسة بدمشق،
وشرحه لنظم نهاية التدريب وقد سلك فيه مسلك التوسع حيث يشرحه مقارنا بالمذاهب الأخرى من دون تعصب
وهذا مقال الشيخ
وهذا أيضا من المواضيع الشائعة المتداولة كثيرا والتي يحصل فيها إنكار .
وهذه المسائل يجب أن لا يكون فيها إنكار وأن لا نأخذ أنفسنا بالشدة ولا ينكر بعضنا على بعض ،
فلا أحد يشك في أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتقصير الثوب وقال أنه أتقى وأنقى وأبقى ،
أتقى لأنه أبعد عن التكبر والخيلاء وأنقى لأنه أبعد عن الوسخ الذي يكون في الأرض لا يصل إلى الأرض فيتوسخ بها ،
وأبقى لأنه لا يهترئ إذا كان يشط على الأرض سوف يهترئ فهو أتقى وأنقى و أبقى ،
وما تحت الكعبين في النار ، ولكن ليس الخلاف في أن الأفضل تقصير الثوب أو تطويله هذا لا نختلف عليها ،
ولا شك أن الأفضل تقصير الثوب هذا ينبغي أن لا يشك فيه أحد لأنه سنة النبي عليه الصلاة والسلام ,
ولكن الأمر الذي يجري الكلام فيه أنه من طال إزاره تحت الكعبين يُنكر عليه أشد النكير ويُتناول بأقذع الألفاظ ،
وهذا لا ينبغي أن يكون لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين لنا هذا والفقهاء أخذوا أحكامهم كلها من السنة النبوية المطهرة ,
فسيدنا أبو بكر الصديق ثبت في الحديث أن إزاره كان لا يستمسك فيسترسل أحيانا إلى ما تحت الكعبين فانشغل باله لهذا الحال,
فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ثوبي يسترسل إلى ما تحت الكعبين وما تحت الكعبين في النار فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
"إنك يا أبا بكر لا تفعله خيلاء". يعني استرسال الثوب عندك لما تحت الكعبين لا تفعله تكبرا وأنا أنهى عن ذلك،
هكذا معنى الحديث والمفهوم منه وأنا نهيت عن ذلك إذا فعله تكبرا وأنت لا تفعله تكبرا ,
معنى ذلك أن النهي ينصب على التحريم قطعا إذا كانت نية من أطال ثوبه التكبر على الناس ،
أما إذا لم تكن نيته التكبر إنما كانت عادة من العادات أو هو يرتاح هكذا لمَّا يلبسه أو أياً كان السبب ،
المهم أنه غير التكبر فلا بأس بذلك ولا أعني بذلك أنه مندوب أن يطول ثوبه أو مباح،
لا هو مكروه أو خلاف الأولى ولكن ليس بحرام فلذلك ليس هو محل إنكار.
أما قضية طول اللحية وقصرها: أولا اللحية أساسا مختلف فيها بين العلماء،
فجمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة الإمام الشافعي والإمام مالك وأبو حنيفة والإمام أحمد بن حنبل, يقولون إن حلق اللحية حرام،
ولكن هناك علماء آخرون يقولون بأن حلقها مكروه وليس بحرام ،
ومن هؤلاء متأخروا الشافعية ومنهم الإمام الغزالي ومنهم الإمام النووي ومنهم الشيخ زكريا الأنصاري ,
وأتباع الشيخ زكريا الأنصاري مثل ابن حجر والرملي والخطيب الشر بيني والزيادي وغيرهم ,
فهذه الطبقة كلها من متأخري الشافعية كلهم على أن حلقة اللحية مكروه وليس بحرام ،
إذن هذه واحدة وهي أن حلق اللحية حكمه بين الحرمة والكراهة ، والكلام في تطويل اللحية،
هل اللحية القصيرة هي لحية أم ليست بلحية؟
طبعا هي لحية، لا أحد يستطيع أن يقول ليست بلحية، هي لحية شرعية ,
ومن كلام الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه عندما تكلم عن تخليل اللحية يقول:
يسن تخليل اللحية الكثة. فلما سئل عن تخليل اللحية الكثة قال:
إذا رُئيت البشرة في مجلس التخاطب فهي لحية خفيفة وإذا لم تر اللحية في مجلس التخاطب فهي لحية كثة يسن تخليلها ،
أما القول بطول اللحية وكم هو المقدار الذي ينبغي أن تطول فيه، فليس فيه شيء ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
لا يوجد شيء ثابت بشكل صحيح أو حديث صحيح ، نعم يوجد أحاديث ضعيفة و لكن ورد من فعل سيدنا ابن عمر أنه كان يأخذ ما دون القبضة،
يعني يأخذ قبضة ويقص ما تحتها، ولكن هذا فعل صحابي وليس منقولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ومذهب الصحابي باختصار ليس حجة عند جميع العلماء ،إنما هو حجة عند الحنفية وليس حجة عند الشافعية،
المهم مذهب الحنفية على مذهب عبد الله بن عمر أنه كان يأخذ القبضة ويقص ما دونها ,
ومَن أراد التوسع في هذه المسألة فليرجع إلى محاضراتي حول ترجمة سيدي الوالد رحمه الله.
وعلى سبيل النكتة سئل الإمام السبكي رضي الله تعالى عنه عن أغرب ما جرى له ,
فقال كنت مشغول البال مرة في مسألة من مسائل العلم فكنت أقص لحيتي فأخذت القبضة لأقص ما دونها فقصصت ما فوقها.
فالمهم أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء من هذا القبيل ولكن من يقولون بالترك -
مسألة الترك التي ذكرتها في أول حديثي - يقولون إنه ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ,
أنه قص لحيته فينبغي أن نتركها كما هي لا نأخذ لا من طولها ولا من عرضها ، ولا نقصها ولا نشذبها ولو طالت مهما طالت ،
هذا القول مبني على الترك والترك ليس بحجة في شرعنا لا نهيا ولا إيجابا ، طبعا هذا الكلام قال به بعض العلماء لا أقول أنه منكر ،
ولكن حقيقة هل يتصور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة كانت لحاهم تملئ وجوههم وتملئ صدورهم وتتشعث ذات اليمين وذات اليسار دون تشذيب؟
هل يتصور هذا ؟ ودائما علماء الشمائل يذكرون لنا من جمال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن طلعته البهية ومن هيئته النورانية هذا لا يتناسب مع هذا ،
الحسن البصري رضي الله تعالى عنه لما سئل هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتركون لحاهم هكذا؟ فقال:
أدركت سبعين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيت واحدا منهم يمشي في الطريق ويتبعه الصبيان يتضاحكون عليه،
ما رأيت منهم واحداً يضحك عليه الأولاد الصغار يفعل مثل هذا الفعل، وهناك حديث وإن كان ضعيفاً ,
ولكن يُستأنس به وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها بما يتناسب مع هيئته صلى الله عليه وسلم ،
فإذن موضوع تطويل اللحية ينبغي أن لا نتشدد فيه ، أما حلقها فنتشدد فيه قليلا لأن حكم الحلق قلت بين الحرمة والكراهة ،
ولكن طول اللحية وقصرها طالما أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيء فلا نلجأ إلى مسألة الترك ,
فمسألة الترك كما أسلفت نقضها العلماء الكبار كلهم فلا ينبغي لنا أن نتكئ عليها،
والأصل أن مجرد إعفاء اللحية هو المطلوب شرعا وينبغي أن نفعل ذلك إن شاء الله تعالى .