الإهداءات


العودة   منتديات آل حبه > منتــــديات آل حبه الأدبيــــة > منتدى التراث الشعبي والقصص والروايات

منتدى التراث الشعبي والقصص والروايات كل ما يتعلق بالتراث الشعبي والقصص والروايات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-10-2009, 08:42 PM   #1
 
الصورة الرمزية غريب الاوطان
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 1,426
معدل تقييم المستوى: 32
غريب الاوطان will become famous soon enoughغريب الاوطان will become famous soon enough
افتراضي نقوش إسلامية مؤرخة من طريق الحج اليمني الأعلى (محافظة بيشة)


نقوش إسلامية مؤرخة من طريق الحج اليمني الأعلى
(محافظة بيشة، المملكة العربية السعودية)
للدكتور محمد بن عبد الرحمن راشد الثنيان
قسم الآثار والمتاحف، كلية الآداب



ملخص البحث: يهدف هذا البحث بالدراسة والتحليل إلى إبراز أربعة نقوش إسلامية مؤرخة جديدة، عثر عليها جميعًا في محافظة بيشة وذلك بالقرب من مسار طريق الحج اليمني الأعلى الذي يصل مدينة صنعاء بمكة المكرمة. وتأتي أهمية دراسة هذه المجموعة من النقوش الصخرية- بجانب اشتمال نصوصها على تواريخ محددة- أنها تغطي زمنيًا فترة تاريخية مديدة تقارب القرن (من منتصف القرن الثاني حتى منتصف القرن الثالث الهجريين: 141- 240هـ/ 758- 854م) وبذلك تُعد نماذج مصدرية أصيلة يقاس بها وعليها لتكون مرجعية علمية خطية في دراسة الكتابات العربية الإسلامية وتحليلها؛ إضافة إلى وجود الصلات الحضارية المتينة القائمة بين مواقعها الجغرافية واستخدامات طريق الحج اليمني الأعلى خلال العصور الإسلامية المبكرة.




تمهيد:
تعد مدينة بيشة الحالية، وما جاورها من قرى وبلدان مثل مدينة تُبالة الكائنة في النطاق الجغرافي لمحافظة بيشة، من ضمن أبرز الحواضر العربية القديمة لوقوعها على امتداد القطاع الجنوبي من مسار درب البخور التاريخي الذي كان يربط المراكز الحضارية في جنوب الجزيرة العربية بشمالها. لعبت حواضر محافظة بيشة، كغيرها من حواضر جنوبي غرب الجزيرة العربية، بعد ظهور الإسلام دورها التاريخي والحضاري لكونها محطات رئيسة واقعة على مسار طريق الحج اليمني الأعلى (النجدي) الواصل بين صنعاء ومكة المكرمة المخترق لأراضي المنطقة.

جغرافياً، يعد بعض الجغرافيين المسلمين الأوائل محافظة بيشة حداً جنوبياً لهضبة نجد، بل أن هناك فئة أخرى من الجغرافيين يعد بيشة وما يحيط بها من حواضر من البلدان النجدية؛ فعند تعرض الهمداني، على سبيل المثال لا الحصر، لبلاد قبيلة خثعم أشار إلى أعراض نجد أنها: "بيشة وترج وتبالة والمراغة"؛ وكانت المدينة الأخيرة، المراغة، من المدن القرشية إذ سكنها بطنان من بطون قبيلة قريش وهما بنو مخزوم وبنو سهم وضمت في الوقت نفسه حصنين مشهورين يعرفان باسم هذين البطنين أحدهما يدعى حصن القرن المخزومي، والآخر حصن البُرقة السَهْمي. كما تشير الروايات التاريخية إلى نزول بني عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر ابن صعصعة بنواحي بيشة وتبالة ورنية وتثليث، إضافة إلى سكناهم في ربوع هضبة نجد. أما قبيلة بني عمرو بن الغوث المنحدرة من قبيلة كهلان فكانت تنقسم إلى بطنين هما: بجيلة وخثعم، وقد سكن البطن الأول في جبال السروات والحجاز إلى تبالة؛ وشاركت خثعم بجيلة في هذه المساكن بجانب سكناهم في النواحي القريبة من بيشة وتبالة.

وتأسيسًا على ما ذكر، يقطن أراضي محافظة بيشة وما جاورها مُنذ العصور القديمة حتى وقتنا الحالي قبيلة خثعم القحطانية، وينحدر من هذه القبيلة العريقة والمشهورة عدة بطون قبلية، إضافة إلى ارتباطها وانصهارها بقبائل أخرى في المنطقة عن طريق التحالف القبلي والتجاور المكاني، ومن ألمع بطون هذه القبيلة والقبائل المتحالفة معها: أكلب ومعاوية والمحلف والرمثين وبني سلول وبلحارث وبلقرن وشمران وبني واهب وبني منبه.

انضوت حاضرتا المنطقة، مدينتا بيشة وتبالة وهما من الحواضر المهمة في بلاد قبيلة خثعم الأم، تحت لواء الدولة الإسلامية سِلماً على أثر إرسال الرسول (صلى الله عليه وسلم) سرية إلى المنطقة بقيادة قطبة بن عامر في السنة التاسعة للهجرة(630م) . وتشير المصادر التاريخية إلى أن هاتين المدينتين وغيرهما من مدن وحواضر المنطقة شهدت فيما بعد بعض التمرد من قبل عناصر محدودة من قبيلة خثعم إلا أنه سرعان ما تم إخمادها على يد الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي (رضي الله عنه) في السنة الحادية عشر للهجرة (632- 633م).

كما شهدت أراضي محافظة بيشة وما جاورها المصادمات العسكرية التاريخية الدامية التي نشبت بين القوات الأموية بقيادة عبد الملك بن محمد بن عطية السعدي المطاردة للعناصر المنكسرة من فلول المؤيدين لعبد الله ابن يحيى الكندي -صاحب المذهب الإباضي والملقب بطالب الحق- بعد إلحاق الهزيمة بالمعسكر الثاني في وقعة وادي القرى سنة 130 للهجرة (748م)، خلال فترة الخليفة الأموي مروان بن محمد (125-132هـ/743-750 م).

رصدت كتابات الجغرافيين العرب المسلمين الأوائل أهمية منطقة بيشة وحواضرها ومدى ارتباط الكل ودوره محطات للحجاج والمعتمرين واقعة على مسار درب الحج اليمني الأعلى (النجدي) بين صنعاء ومكة المكرمة؛ فـأوردت هذه الكتابات في مجملها معلومات علمية تتضمن وصوفات جغرافية تخص مواقع هذه المحطات وأحجامها وحدودها ووفرة المياه في أراضيها، إضافة إلى ذكر المسافات الفاصلة بين هذه المحطات مع التعرض لكثافة سكانها وخصوبة تربتها. ومن خلال هذه الكتابات الجغرافية الوصفية المبكرة يمكن استخلاص صورة جلية لحاضرة المنطقة تشير إلى أن بيشة كانت، في عصورها التاريخية الإسلامية المبكرة، قرية عظيمة، كبيرة الحجم واقعة في مجرى الوادي المسماة باسمه؛ وكانت كثيفة السكان وافرة بالمياه الظاهرة على سطح الأرض والمياه الباطنة، وتنتشر في ربوعها بساتين النخيل؛ هذا بجانب تميزها كمحطة رئيسة للحجاج القادمين من جنوب الجزيرة العربية وجنوبيها الغربي بواسطة درب الحج اليمني الأعلى (النجدي) الذي يصل مدينة صنعاء بمكة المكرمة.عرفت بيشة بأكثر من اسم وصفي موثق في كتابات الجغرافيين الأوائل، منها: بيشة بُعطان (أو بَعطان، بالفتـح)، نسبة لأحد الأودية في المنطقة؛ وبيشة النخل لشهرة المدينة ومنطقتها بأشجار النخيل المثمـرة (انظر: الجدول رقم 2).

وعلى أية حال، لا حاجة للقول بأن الاسم التاريخي القديم لبيشة لم تزل تحتفظ به حتى الآن مدينة كبيرة عصرية ومزدهرة تقع في جنوبي غرب المملكة العربية السعودية وتتوفر بها وما حولها من مدن وقرى جميع مقومات الحياة العصرية، ولا تزال المحافظةتمتلك أغلب الصفات والمواصفات الطبيعية المنعوتة بها منذ القدم. تشير الكتابات الحديثة إلى أن مدينة بيشة المعاصرة تم سكناها منذ زمن بعيد من قبل قبائل المحلف،وشكلت قرية نمِرَان – العائدة لبني معاوية - نواة هذه المدينة الحديثة؛ ومع مرور السنين نمت هذه القرية واتصل نسيجها العمراني مع قرى الرَّوْشن المجاورة لها، مثل: قرية روشن النغيلة، وقرية روَّشْن بني سلول، وقرية النغيلة الواقع في وسطها قلعة المحلف المشهورة (قلعة الثغر)؛ وبهذا الاتصال العمراني لجميع هذه القرى الواقعة على ضفتي وادي بيشة تكونت في النهاية لتصبح نواة المدينة الحديثة المعاصرة وقلبها. يحدّ محافظة بيشة من الشمال رنية وتربة التابعتان لمنطقة مكة المكرمة، ومن الشمال الغربي منطقة الباحة. ويحدها من الجنوب والجنوب الغربي محافظتا النماص وسبت العلايا التابعتان لمنطقة عسير، ومن الشرق والجنوب الشرقي محافظتا تثليث والخميس التابعتان لمنطقة عسير أيضاً، كما أن لمحافظة بيشة حدوداً من طرفها الشمالي الشرقي مع محافظة وادي الدواسر التابعة لإمارة منطقة الرياض.

وبحكم الموقع الجغرافي والقرب المكاني لمدينة تبالة وما جاورها من قرى وما حاذاها واتصل بمحيطها من أراض مثل وادي تبالة وصحراء ظَهْر لموقع بيشة، فإن أراضي مدينة تبالة تعد امتداداً طبيعياً لبلاد قبيلة خثعم ببطونها المختلفة؛ وعَدّها بعض الجغرافيين بأنها جزءً من هضبة نجد، أما عرام، أثناء تحديده لامتداد سهل تهامة، فإنه وضع تبالة حداً جنوبياً لهذا السهـل؛ ومن الملحوظ أن هذه المعلومة تتطابق مع ما أورده ياقوت نحو وضع تبالة ضمن الامتداد الجغرافي لسهل تهامة. كما توجد رواية جغرافية للأصمعي، مفادها بأن تبالة والعبلاء هما الحد الجنوبي لمنطقة الحجاز. وبالرغم من وجود هذه الاختلافات اليسيرة فيبدو، وفقاً للشواهد الجغرافية والسكانية وغيرهما، بأن محافظة بيشة كلها –بما فيها مدينة تبالة وواديها وقراها- تعد الحد الجنوبي الغربي لهضبة نجد، وهذا التحديد يتفق مع ما أورده البكري سالفاً.

ارتبط تاريخ مدينة تبالة في عصره الجاهلي باحتضانها لصنم ذي الخلصة؛ أما تاريخها الإسلامي فارتبط، بوجه خاص في عصر الخلافة الأموية، باسم القائد الأموي الحجاج بن يوسف الثقفي الذي نصب والياً عليها بأمر من الخليفة عبد الملك بن مروان (73-86هـ/692-705م) . ولكنه لم يتولاها، وقصة ذلك معروفة ومسطورة في المصادر التي أوردتها. ويظهر أن مراحل مسارها التاريخي الإسلامي وقدره متأصل بالتاريخ الإسلامي العام لحاضرة محافظة بيشة؛ إذ فتحت بدون حرب في الفترة التاريخية نفسها، وشهدت أراضيها ما شهدته جارتها بيشة ومنطقة جُرَش وغيرهما من صراع دموي بين القوات الإباضية والقوات الأموية.
لعبت مدينة تبالة، لكونها الحاضرة الثانية في المنطقة بعد بيشة، دورها التاريخي والحضاري كمحطة رئيسة للحجاج الرائحين والغادين على طريق الحج اليمني الأعلى (النجدي) بحكم موقعها المتميز بين بيشة ومحطة القريحاء؛ فضلاً عن أنها كانت محطة يلتقي عندها الطريق الحضرمي الأسفل مع طريق الحج اليمني الأعلى (النجدي) . تخلو جميع كتابات الجغرافيين العرب المسلمين الأوائل من إدراج وتحديد مراحل المسافات الفاصلة بين تبالة والمحطات والمنازل السابقة أو اللاحقة لها ما عدا ما ذكره الجغرافي الهمداني عند إشارته بأنها تبعد عن بيشة بنحو 11 ميلاً (أي حوالي 22كم)، أما المسافة الفاصلة بين تبالة ومحطة القريحاء فيضعها بمقدار 22ميلاً (أي حوالي 44كم)، كما يقدر الهمداني المسافة الفاصلة بين مدينة تبالة ومدينة صنعاء بنحو 23 مرحلة أو 276 ميلا (أي حوالي 552كم) (انظر: الجدول رقم 2).


وصفت تبالة في أغلب أعمال الجغرافيين العرب المسلمين الأوائل بأنها كانت قرية عظيمة، واقعة في سفح تل، كثيفة السكـان ومشتملة على منبر وبساتين وأشجار النخيل وعيون جارية وآبار وغيل. أما الهمداني فيضيف لوصفه بأن تبالة كانت قرية للتجار سكنتها بطون من قبيلة قريش؛ وينفرد الهمداني بتوضيحه لتدمير تبالة القديمة ونهايتها على أيدي أهل البادية، مع عدم تبيانه للأسباب الكامنة وراء هذا العمل التخريبي.

تشير الأعمال الأثرية العلمية الأخيرة ذات الصلة بدراسة طريق الحج اليمني الأعلى المخترق لأراضي محافظة بيشة بدءاً من قطاعها الجنوبي الغربي حتى يصل نهاية طرف قطاعها الشمالي الغربي، إلى أن مسار الطريق وقبل وصوله لحاضرة المنطقة يعبر من خلال العديد من المحطات والمنازل والمناهل، ومن أبرزها تلك الكائنة إلى الجنوب من مدينة بيشة الحالية بحوالي 15 كم؛ منها: وادي بُعطان (بَعطان) ومضيقه الجبلي، ووادي تَرْج، ومضيق النهقة الجبلي، ووادي سُمار. ومن الجدير بذكره أن جميع أسماء هذه المحطات والمنازل والمواضع لم تزل تعرف عند السكان المحليين بأسمائها التاريخية القديمة التي وردت عند صاحب أرجوزة الحج أحمد بن عيسى الرداعي (النصف الأول من القرن الثالث الهجري/ القرن التاسع الميلادي). وبعد اجتياز مسار الدرب لوادي بيشة وحاضرته يتجه صوب تبالة وواديها، ليستمر فيما بعد في عبور صحراء ظَهْر متجهاً صوب حرة البُقُوم من خلال مروره بمواضع ومنازل عدة، من أهمها: شعبة (رياض) الخيل، وخلافة، ووادي رنية، والقريحاء. وبعد انفصال مسار الدرب من المحيط البركاني لجسم حرة البقوم يتجه غرباً نحو مكة المكرمة مروراً بصحراء ركبة ووادي كلاخ والسيل الكبير (الميقات) (انظر: الجدول رقم 3).

شكلت نتائج المسوحات والاستكشافات الميدانية للآثار الخطية العربية الإسلامية المنفذة على سفوح الجبال والهضاب الواقعة في المحيط الجغرافي لامتداد مسار طريق الحج اليمني الأعلى في محافظة بيشة، إلى جانب نتائج الدراسة العلمية لميلين حجريين من أحجار المسافة اللذين عثر عليهما في المحافظة نفسها، جانباً مهماً من جوانب الدراسة الأخيرة لكاتب هذه السطور؛ إلا أنه خلال مرحلة الإعداد لتلك الدراسة لم يكن التوفيق حليفنا لدرجة كبيرة في العثور على نقوش صخرية إسلامية مؤرخة في المحافظة. وتشير هذه الدراسة إلى وجود الكتابات والنقوش الصخرية الإسلامية غير المؤرخة في مواقع محطات ومنازل طريق الحج في المحافظة، منها: كتنة، وقرية المعدن، ووادي رنوم "بئر بن سرار"، ووادي أُضر، ووادي القضيف، ووادي الخايع؛ أما بالنسبة للميلين الحجريين (أحجار المسافة) فأحدهما عثر عليه في وادي القضيف بينما الميل الآخر وجد في وادي شعبة الخيل، وكلاهما يقعان في صحراء ظَهْر الواقعة إلى الشمال الغربي من مدينة تبالة الحالية. ووفقاً لنتائج دراسة نصوص هذه الكتابات والنقوش الصخرية، بما فيها نصوص الميلين الحجريين، فإن إطارها الزمني يمتد من القرن الأول حتى القرن الخامس الهجريين (القرن السابع- القرن الحادي عشر للميلاد).

أما تقارير مسوحات وكالة الآثار والمتاحف، المنفذة في عام 1410هـ، المتعلقة بحصر وتوثيق الكتابات والنقوش الصخرية في محافظة بيشة، فتشير بأنه عثر على العديد من النقوش والكتابات الكوفية في المحافظة، وجميعها غير مؤرخة ما عدا نقشاً واحداً فقط عثر عليه في موقع الحديقة (رقم 217-24ص) الواقع بالقرب من قرية واعِر على ضفاف وادي بيشة؛ وهذا النقش مؤرخ في سنة 327هـ (الموافق لعام 938ميلادية) (انظر: الجدول رقم 4).


دراسة النقوش المؤرخة:
عثر على هذه النقوش الصخرية الأربعة المؤرخة، موضوع الدراسة، في موقعين متجاورين لحد ما، وذلك بالقرب من مدينة تبالة، وهما من المواقع المرتبطة ارتباطاً مكانياً بمسار طريق الحج اليمني الأعلى (النجدي)؛ أبكرها مؤرخ في سنة 141 هجرية (758م) ووجد على سفح هضبة جبلية صغيرة تدعى محلياً أُمّ الرّحَي، أما النقش الثاني فهو مؤرخ في سنة 226 هجرية (840م) وكشف عنه على سفح هضبة جبلية صغيرة أخرى تسمى محلياً أُمّ وقْر؛ وبخصوص النقشين الآخرين -الثالث والرابع- فكلاهما مؤرخان في سنة 240 هجرية (854م) وعثر عليهما على صخور الهضبة الجبلية ذاتها المشتملة على النقش الثاني من هذه المجموعة (هضبة أُمّ وقْر). ومن الواضح أن هذه النقوش الصخرية الأربعة المؤرخة لم تشملها فعاليات الحصر والتوثيق خلال المسوحات الأثرية الأخيرة لوكالة الآثار والمتاحف في محافظة بيشة، كما أنها لم تشمل في مسوحات كاتب هذه السطور خلال دراسته الأخيرة لطريق الحج.

تقع هضبة أم الرحي، المحتضنة صخورها نص النقش الأول، إلى الشمال من وادي الثنية، أما هضبة أم وقر، المحتوية جلاميدها الصخرية على نصوص بقية النقوش، فتقع إلى الشمال الغربي من قرية مطوية بنحو 3 كم. وكلتا هاتين الهضبتين تقعان في وادي الثنية، وهو الاسم المحلي لأسفل وادي تبالة، خاصة عند التقاء الوادي الأخير بوادي هرجاب بالقرب من قرية الصبيحي. (انظر اللوحة رقم1)

تشتهر منطقة الثنية ببركتها الأثرية القديمة المسماة محلياً بالحوطة (أو حوطة مطوية، أو حوطة بني هلال) الواقعة إلى الشمال الشرقي من قرية مطوية، وتتصل هذه البركة بمجرى مائي يبلغ طوله حوالي 8كم يصلها بجبال الضيقة مروراً بقرية البردان وقرية ضريب السوق.
شكلت البردان محطة مائية (منهلاً) رئيسة للحجاج لوقوعها على طريق الحج اليمني الأعلى (النجدي)؛ وتفرد الشاعر اليمني أحمد بن عيسى الرداعي، الذي عاش في النصف الأول من القرن الثالث الهجري (القرن التاسع الميلادي)،خلال رحلته لمكة المكرمة في ذكرها بأرجوزته المشهورة (انظر: الجدول رقم 1) بقوله (مخاطباً راحلته المهرية):

تـَجُرُّ من ثَوْبِ الصِّبَا أَذْيَالَـهُ
الْجِدِّ حَتَّى تـَرِدِي تَبَالة
يَشْرَعْن في ذِيِ جَدْوَلٍ فَضْفَاضِ
للَبَردَان مُتْرَعِ الْحِيَاضِ

وجاء في شروحات الهمداني مباشرة بعد إدراج هذين البيتين ما يلي: "البَردان قليب بتبالة طيب الماء عذبة، وكذلك تبالة قرية فيها التجار، وإليها الجِهَاز، وكـان فيها نخيل وغيل، وكان أكثر ساكنها من قريش، فخربتها البادية، والجدول هو الغيل".

وفي ضوء هذه المعلومات الجغرافية المصدرية ووجود بعض الآثار القديمة الشاخصة للعيان الآن الدالة على موقع منهل البردان ومجرى غيله، يتضح بجلاء تام بأن موقعي هذه النقوش الأربعة المؤرخة، هضبة أُمّ الرّحَي وهضبة أُمّ وقْر، يرتبطان ارتباطاً مباشراً بمنهل وغيل محطة البردان التاريخية القديمة المذكورة عند الرداعي؛ ولم يزل اسم هذا المنهل التاريخي القديم تحتفظ به الآن قرية صغيرة مشتملة على مزارع وواقعة على الضفة الشمالية من وادي تبالة ويسكنها في وقتنا الحاضر فصيلة المهاري وفخذ الجرذاية من قبيلة بنو هِزْر المنتمية إلى قبيلة المحلف (محلف شهران) وجميعها منحدرة من قبيلة أكلب الخثعمية. وتقع قرية البردان الحالية إلى الشمال الغربي من مدينة بيشة الحالية بمسافة تصل إلى حوالي 40كم وإلى الشمال الشرقي من مدينة تبالة بمسافة تقدر بحوالي 10كم.

وخلافاً لوجود هذه النقوش العربية الإسلامية المؤرخة فالسفوح الصخرية للجبال والهضاب القريبة من قرية البردان، مثل الجبل الأحمر، وجبل مرايش، وهضبة أم المجاحر، وجبل الحماء، وجبل القرن، تزخر جميعها بالكتابات والنقوش العربية الإسلامية غير المؤرخة والرسوم الصخرية، الآدمية والحيوانية، القديمة والكتابات الثمودية؛ وهذه الآثار الخطية والفنية القديمة والإسلامية تشير بلا ريب إلى عدة دلالات حضارية، وتعد خير شاهد على أن المنطقة عامة شهدت مراحل استيطانية مختلفة قبل ظهور الإسلام بقرون عديدة واستمرت أهمية المنطقة، حضارياً، من خلال كونها واقعة على مسار درب البخور التاريخي القديم، الأمر الذي عزز مكانتها حضارياً وثقافياً واقتصادياً؛ وتوجت هذه الأهمية التاريخية القديمة في انضواء المنطقة بأسرها تحت لواء الدولة الإسلامية لتدخل المنطقة بذلك مرحلة جديدة من تاريخها مع احتفاظها بمقوماتها المتجددة كعنصر ثابت من عناصر حيويتها وتفاعلها الحضاري وبتقديم دورٍ جديدٍ من أدوارها التاريخية حيال الحجاج والمعتمرين من جنوب الجزيرة العربية وجنوبيها الغربي في رحلة غدوهم ورواحهم من مكة المكرمة والمدينة المنورة وإليهما.

النقش الأول، (اللوحة رقم 2):
معلومات أولية:
الموقع والمنطقة: أم الرحي (محافظة بيشة).
خط الطول ودائرة العرض: َ30 42ْ – َ15 42ْ شرقاً / َ30 20ْ – َ15 20ْ شمالاً.
نوع الخط: كوفي بسيط.
عدد الأسطر: 4 أسطر.
طريقة التنفيذ: الحز الغائر الدقيق.
نوع الصخر: جرانيتي يميل إلى الاحمرار.
موضوع النقش: التهليل، والصلاة والتسليم على النبي (صلى الله عليه وسلم)، والدعاء في مباركة المنزل، وطلب الجنة، والحمدلة، والحوقلة، ودعاء طلب المباركة والصلاح من الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة.
صاحب النقش: موسى بن العجلان.
تاريخ النقش: مؤرخ في سنة 141هجرية (الموافق لعام 758م).

قراءة نص النقش:
1. لا إله إلا الله صلـ(ـى) الله على محمد النبي وسلم اللهم أنزلنا منزلاً مبـ(ـا) ركاً وأنت خير المنزلين
2. وكتب موسى بن العجلان وهو يسـ(ـأ)ل الله الجنة له ولولديه وما ولدا ولذريته ويستغفره
3. الحمد لله رب العـ(ـا)لمين حلها في صفر سنة إحدى وأربعين ومائة لا حول ولا قوة إلا بالله
4. ربنا بارك لنا في الدنيا ما أحييتنا فيها وبارك لنا في الآخرة إذا أرجعتنا إليها واجعلنا صالحين


التحليل العام للنقش:

نفذ هذا النقش الصخري المؤرخ، المحتوي على أربعة أسطر، بالخط الكوفي البسيط على سفح صخرية جرانيتية التكوين يميل لونها إلى الاحمرار، وقد استخدم الحز الغائر الدقيق في نقش كلمات النص. ويخلو النص من عملية التنقيط (الإعجـام) أو التنميق الخطي ولا يلحق بالمادة الخطية أي أثر للزخرفة الكتابية.تظهر في هذا النص بعض السمات الخطية التي تستحق الذكر، منها: استقامة أجسام حروف الألفات واللامات؛ ورود حرف العين الوسطى على شكل مثلث مقلوب حاد الزوايا (العجلان: 2، العالمين:
3)؛ الاستدارة الكاملة والمتقنة لحرف الميم الوسطى (محمد:1، العالمين: 3، الحمد: 3)؛ انزلاق جسم حرف النون النهائية تحت مستوى سمت السطر الوهمي للكتابة وتقويس محيطها بشكل ربع دائري (المنزلين:1، بن:2، العجلان:2)؛ ثبوت قاعدة حرف اللام-ألف على هيئة مثلث حاد الزوايـا (لا إله:1، منزلاً:1، ولا قوة: 3). أما عند تتبع أسلوب النقاش في تنفيذه لحرف الياء النهائية، فنجد أنه لا يثبت على نمط معين لتوحيد رسمها؛ فتارة يخطها على شاكلة صياغته لحرف النون النهائية (النبي:1) مقاربة، في الوقت نفسه، في رسمه لحرف الألف النهائية المقصورة (موسى:2؛ وإحدى: 3)؛ وتارة أخرى يرجع ذيل حرف الياء النهائية للخلف لتتوافق صورتها مع النمط النبطي في كتابة هذا الحرف (في: 3، 4)، (انظر: اللوحة رقم:6).

يظهر النص الخطي للنقش مكتمل اللفظ والمعنى ومقروءاً بالكامل وخالياً من الهفوات الإملائية واللغوية، ما عدا إهمال النقاش لحرف ألف المد الوسطى في رسم بعض الكلمات، ومن شواهد هذا الحذف: مبركا: مباركاً (سطر: 1)، والعلمين: العالمين (سطر: 3)، وكتابة كلمة صل وصحتها صلى (سطر:1)؛ إلى جانب حذفه لهمزة القطع في كلمة: يسل: يسأل (سطر: 2). وهذا الحذف يعد من الظواهر الخطية المبكرة في اللغة العربية المستمدة من سمات الخط النبطي القديم، ولهذه السمات الخطية شواهد عديدة سوى في آيات القرآن الكريم أو نصوص الكتابات العربية الإسلامية المبكرة، الصخرية والشاهدية.

يفتتح كاتب هذا النص، موسى بن العجلان، نصه الكتابي بكلمة التوحيد (التهليل)، من ثم الصلاة والتسليم على رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم)، يتبعه بدعاء الحلول في المنزل. يتلو هذه الافتتاحية إثبات الكاتب لاسمه ولسان حاله يلهج بالفوز بالجنة والاستغفار من الذنوب؛ يلي ذلك الحمدلة وتاريخ حِله في المنزل ومن ثم الحوقلة. يختتم صاحب هذا النقش نصه بدعاء البركة والصلاح له في الدنيا والآخرة. ووفقاً للمعاني اللفظية المكونة لعناصر نص النقش فيبدو أن موسى بن العجلان قام بتنفيذ هذا النقش حال نزوله من بعد ارتحاله في جوار هضبة "أم الرحي"، وبهذا فإنه من المستبعد أن تكون شخصية صاحب النقش مـن المستوطنين الدائمين في المنطقة، بل كان عابر سبيل.


النص الدعائي:
1. "لا إله إلا الله صلى الله على محمد النبي وسلم اللهم أنزلنا منزلاً مبــاركاً وأنت خير المنزلين" - (السطر رقم 1):
تعد المضامين الدعائية لهذا السطر الأول من النقش افتتاحية لكامل النص؛ إذ إنه يتكون من قسمين: فالقسم الأول من السطر يحتوي على التهليل (أو الهيللة) وهو قول لا إله إلا الله([42])، تليها مباشرة الصلاة والتسليم على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) . أما القسم الثاني من السطر فيشتمل على توجه صاحب النقش بالدعاء والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى بجعل منزله منزلاً مباركاً (دعاء حلول المنزل)؛ ويظهر التركيب اللفظي لهذا الدعاء أنه مستوحى ومستمد بأكمله من قوله تعالى في محكم تنزيله: )وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) بمناسبة تحدث القرآن الكريم عن قصة نوح (عليه السلام) وقومه.

وفيما يتعلق بما يقال أو يفعل عند نزول المرء منزلاً لأول مرة فورد في السنة المطهرة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قوله: "لو أن أحدكم إذا نزل منزلاً قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره في ذلك المنزل شيء حتى يرتحل منه"؛ أما الفعل فورد أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان إذا نزل منزلاً لم يرتحل منه حتى يصلي ركعتين أو يودع المنزل بركعتين.


2. "وهو يســأل الله الجنة له ولولديه وما ولدا ولذريته ويستغفره" - (السطر رقم 2):
يتوجه صاحب النقش في هذا السطر بسؤال ربه الجنة مستهدياً بهدي قوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) ؛ وقوله تعالى: (قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى) ، أي أعطيت أُمنيتك التي سألتها وعليه، فهو يتوسل إلى الله بسؤال التمني والتقرب طالباً قبول ما يتمناه بأن يكون في زمرة أهل الجنة هو ووَلَديه (وُلْديه) وما ولدا.وللصيغة نفسها (ولديه وما ولدا) ورود، على سبيل المثال لا الحصر، في نص دعائي لطلب المغفرة بأحد النقوش غير المؤرخة التي عثر عليها في منطقة الباحة.

والوَلَد، اسماً، يقع على المفرد والجمع والذكر والأنثى؛ و يذكر بن سيده بجواز قراءة الوَلَد على الوُلْد (بالضم) والمعنى هو ما ولد أياً كان. وبذلك فإن المعنى للولد وللوُلْد يصبح معنىً واحداً، مثل العَرَب والعُرب، والعَجَم والعُجْم. وبناءً على ذلك، فإن كلمة " وَلَديه" الواردة في نص هذا السطر من المحتمل قراءتها بصيغة أخرى لتصبح: "وُلْديه" مع بقاء تحديد جنس الولد (الوُلْد)، المشار إليهما، غير معروف تماماً، أهو ذكر أم أنثى. ودعوة الوالد لولده هي من الدعوات المستجابة التي تفضي إلى الحجاب الرباني، كما ورد في الصحيح.

أما الذُرِّية فهو اسم يجمع نسل الإنسان من ذكر وأنثى؛ ويشار أن الأصل فيها هو الذر بمعنى التفريق. كمـا ورد بأن كلمة الذُرِّية تعنى النساء وذلك في الحديث الشريف أنه (صلى الله عليه وسلم) رأى امرأة مقتولة فقال: " ما كانت هذه تُقاتل ! الحق خالداً فقل له: لا تقتل ذُرية ولا عسيفاً "؛ ومنه، أيضاً، حديث عمر(رضي الله عنه)"حجوا بالذرية ولا تأكلوا أرزاقها وتذروا أرباقها في أعناقها" أي حجوا بالنساء.

3. "الحمد لله رب العــالمين (…) لا حول ولا قوة إلا بالله" -(السطر رقم3):
يبدأ هذا السطر بالحمدلة، فاتحة الكتاب الكريم، وينتهي السطر نفسه بالحوقلة؛ وما بينهما يقع تاريخ حلول صاحب النقش في المنزل (تنفيذ نص النقش).
ولهذه الصيغة القرآنية من الحمدلة ورود في القرآن الكريم في مواضع ومناسبات عدة ومختلفة؛ فوردت آية مستقلة بذاتها، منها على سبيل المثال قول الله تعالى:
- (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
- (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
وجاءت هذه الصيغة الدعائية خاتمة لآية من آيات القرآن الكريم، منها على سبيل المثال، قول الله تعالى:
- (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
- (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
- (هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
- (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
والحمد لله يقصد به الشكر الخالص والثناء الشامل على الله بأسمائه وصفاته الحسنى؛ وهو إقرار من العبد بهدايته ونعمته التي لا يحصيها العدد ولا يحيط بعددها غيره أحد. ويرى بأن إدخال الألف واللام في "الحمد "هو لاستغراق جميع أجناس الحمد وصنوفه لله تعالى لتستوي جميع المحامد والشكر الكامل لله. وورد في الحديث النبوي الشريف الحث على التلفظ بحمد الله والشكر له لكون الحمد من المحامد التي يحمد بها الرب تبارك وتعالى. وفي الحديث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "ليس شيء أحب إليه الحمد من الله تعالى،ولذلك أثنى على نفسه فقال: الحمد لله ". وقال (صلى الله عليه وسلم): "إذا قلت الحمد لله رب العالمين، فقد شكرت الله فزادك"، كما ورد عن الأسود بن سريع قال: قلت: يا رسول الله ألا أنشدك محامد حمدت بها ربي تبارك وتعالى، فقال:" أما إن ربك يحب الحمد".
أما "رب العالمين": فالرب هو الله المالك المتصرف، ولا يقال إلا لله عز وجل، ويستثنى من ذلك عندما تلحق إضافة بكلمة الرب، مثل: رب الدار، وهكذا. والعالمين جمع عالم وهو كل موجود سوى الله عز وجل، هذا وورد في القرآن الكريم: (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ).

ينتهـي السطـر بالحوقلـة وهي كنز من كنوز الجنة، كما ثبت في الصحيح؛ والحَوْل:الحركة، وقيل: الحِيلة ومعناها لا حركة أو حيلة ولا قوة أو استطاعة إلا بمشيئة الله تعالى.وهي من حقائق العبودية إذ إن المراد بها هو إظهار الفقر إلى الله بطلب يد المعونة منه سبحانه وتعالى على ما يحاول من الأمور. وروي عن بن مسعود أنه قال:" معناه لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بمعونة الله". والشطر الثاني من الحوقلة "لا قوة إلا بالله" مستمد مباشرة من الآية القرآنية الكريمة: (وَلَـوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً).
4."ربنا بارك لنا في الدنيا ما أحييتنا فيها وبارك لنا في الآخرة إذا أرجعتنا إليها واجعلنا صالحين" - (السطر رقم 4):
يُختتم النص بدعاء من الأدعية الدينية الشخصية غير المنصوص عليها في السنة النبوية الشريفة، حسب علمنا الحاضر؛ ويتضمن طرح البركة وجلبها في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويبدو أن تراكيب لفظ هذا الدعاء مستوحى من بعض آيات القرآن الكريم، ومنها على سبيل المثال قول الله تعالى:
- (وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ).
- (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ).
- (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ).
كما أن المعنى والمقصد العام لهذا لدعاء يتماشى مع ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "سل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة" وفي حديث آخر "اللهم إني أسألك المعافاة في الدنيا والآخرة".
شخصية صاحب النقش:
"وكتب موسى بن العجلان" - (السطر رقم 2):
يظهر بوضوح تام في بداية السطر الثاني من نص النقش اسم صاحب النقش وشخصيته بتركيبه الأحادي فقط "موسى بن العجلان"؛ ويبدو من تراكيب نص النقش وصياغته بأن موسى بن العجلان هو شخصية النقش وصاحبه وهو الذي قام بخطه وتنفيذه. ولا تسعفنا المصادر المتوفرة بالتعرف إلى ترجمة لصاحب هذا النقش بسبب اختزال الاسم وعدم إثبات اسم الأب والجد بالرغم من شيوع اسم موسى وعجلان منذ القدم في أسماء أعلام الرجال حتى الوقت الراهن (انظر: الجدول رقم 9).

يسبق اسم شخصية النقش كلمة "وكتب" للتعريف بمنفذ النقش وصاحبه؛ ولهذه الطريقة وغيرها، مثل: "كتب لسنة (…)"، تواجد في نصوص النقوش والكتابات الصخرية والشاهدية الإسلامية المبكرة سواء المؤرخ منها أو غير المؤرخ. ومن المعتاد أن ترد هذه الكلمة في نهاية نص النقش أو خاتمته متبوعة باسم منفذ النص أو تاريخ تنفيذ النص أو بكليهما معاً. وتذكر الروايات أن أول من كتب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) عندما قدم إلى المدينة المنورة أُبي بن كعب (وفاته سنة 90 للهجرة)، ويُعد أول من كتب في آخر الكتاب: "وكتب فلان" .

تاريخ النقش:
"حلها في صفر سنة إحدى وأربعين ومائة"- (السطر رقم 3):
يبدأ تاريخ النقش بإشارة إلى نزول صاحب النقش في المنزل (الهضبة الجبلية) أو بجوارها في شهر صفر من سنة 141 للهجرة المصادف لعام 758 للميلاد (انظر: الجدولان 7، 8). وتوثيق الحُلول في المكان (أو المنزل) والنزول فيه من الصيغ المعروفة والشائعة عند أفراد القبائل العربية، فقد وردت اللفظة ذاتها (ح ل ل) بشكل كثير في عدة نصوص نقشية قديمة تسبق ظهور الإسلام، خاصة نصوص النقوش الصفوية والثمودية والسبئية؛ ويتوافق معناها اللغوي تماماً مع المعنى العربي ومراده.

يقع تاريخ هذا النقش في العام التاسع من قيام الخلافة العباسية في بغداد؛ وهذه الفترة التاريخية تتزامن تقريباً مع العام الخامس من خلافة أبي جعفر المنصور (136-158هـ/752-775م). وخلال سنة 141 هجرية كانت المدينة المنورة تحت ولاية محمد ابن خالد بن عبد الله القسري، أما مكة المكرمة والطائف فكانت تحت ولاية الهيثم بن معاوية العتكي. أما ما يخص بلاد اليمن فكان واليها عبد الله بن الربيع بن عبد الله بن عبد المدان الحارثي (انظر: الجدول رقم 10).
يقع هذا النقش المؤرخ في سنة 141 هجرية (758 م) في المرتبة الثانية عشرة تقريباً من قائمة النقوش الكتابية الصخرية المؤرخة والمكتشفة حتى الآن على أراضي المملكة العربية السعودية، العائدة للقرن الثاني الهجري (القرن الثامن الميلادي). وتضم هذه القائمة ما يقارب من واحد وثلاثين نقشاً، أبكرها نقش جبل سليطينة في منطقة الطائف، المؤرخ في سنة 103 للهجرة (721م) ؛ أما آخرها فهو نقش شعيب بن الفضل السلمي المكتشف في منطقة الصويدرة بالمدينة المنورة، المؤرخ في سنة 195 للهجرة (810م) (انظر: الجدول رقم 5 –أ، والجدول رقم 5- ب) . وبذلك يكون نقش منصور بن عطاء بن ربيعة الذي عثر عليه في رواوة من منطقة المدينة المنورة، المؤرخ في سنة 140 هجرية (757م)، سابقاً له؛ أما النقش اللاحق له فهو نقش الوليد بن كثير البربري المكتشف في نقع بني مر على درب الحج المصري بشمالي غرب المملكة، المؤرخ في سنة 142 هجرية (759م) .

ووفقاً لذلك، فإن نقش هضبة أُمّ الرّحَي في محافظة بيشة يتخذ مكانته العلمية والحضارية في قائمة النقوش الصخرية المؤرخة العائدة للقرن الثاني الهجري والمكتشفة على أراضي المملكة؛ وفي الوقت نفسه ينضم ليحتل المرتبة الثالثة بين النقوش الصخرية المؤرخة عقب قيام الخلافة العباسية، إذ يسبقه في هذا المضمار نقش أسلمة بن نجم المكتشف في قرية الحائط بمنطقة حائل، المؤرخ في سنة 132 للهجرة (749-750م) ، ونقش منصور بن عطاء المشار إليه سالفاً.

النقش الثاني، (اللوحة رقم 3):
معلومات أولية:
الموقع والمنطقة: أُمّ وقْر (محافظة بيشة).
خط الطول ودائرة العرض: َ30 42ْ –َ15 42ْ شرقاً / َ30 20ْ –َ15 20ْ شمالاً.
نوع الخط: كوفي بسيط.
عدد الأسطر: 4 أسطر.
طريقة التنفيذ: الحز الغائر السميك والدقيق.
نوع الصخر: جرانيتي داكن.
موضوع النقش: طلب الشهادة في سبيل الله، والتشهد.
صاحب النقش: أحمد بن سليمان (البنا ؟).
تاريخ النقش: مؤرخ في سنة 226 هجرية (الموافق لعام 840م).
قراءة نص النقش:
1. أحمد بن سليمـ(ـا)ن (البنا ؟) يسـ(ـأ)ل الله
2. القتل في سبيله وكتب في
3. سنة ست وعشرين ومـئتين سنة وهو يشهد أن
4. لا إله إلا الله


التحليل العام للنقش:
تم تنفيذ هذا النقش الصخري المؤرخ والمشتمل على أربعة أسطر بالخط الكوفي البسيط على سطح صخري جرانيتي التكوين يميل لونه إلى الاحمرار الداكن. وتتفاوت سماكة رسم كلمات النص بصورة ملفتة للنظر، خاصة عند مقارنة رسم كلمات السطر الثالث مع بقية كلمات السطور الأخرى. وهذا التباين في سماكة رسم الكلمات ومقادير أحجامها يُرد ربما لصلابة السطح الصخري وخشونته وعدم انتظامه. يخلو النص من عملية التنقيط (الإعجام) أو التنميق الخطي ولا تلحق بالمادة الخطية أي محاولة للزخرفة الكتابية.
يتضمن النص بعض السمات الخطية البارزة، منها: استقامة أجسام حرف الألفات في بداية الكلمة ولحوق الشكل الخطافي بقاعدته (أحمد:1، القتل:2)، وهذه الاستقامة تندرج أيضاً على حروف اللامات الوسطى (الله:4)؛ ظهور التاء المربوطة بصورة مثلث حاد الزوايا (سبيله2، الله:4)؛ تطابق رسم حرف الكاف ببداية الكلمة (وكتب:2) مع رسم حرف الدال النهائية (يشهد:3)؛ نزول جسم حرف النون في نهاية الكلمة (بن:1، أن:3، سليمان:1) تحت سمت السطر الكتابي وعدم إغلاق الطرف النهائي للحرف؛ الرجوع العكسي لحرف الياء في نهاية الكلمة (في:2)، (انظر:اللوحة رقم:6).

يبدو النص مكتمل اللفظ والمعنى ومقروءاً إلى حد ما ما عدا الاسم الأخير لصاحب النقش؛ والنص خال من الأخطاء اللغوية والإملائية سوى إسقاط حرف ألف المد الوسطى في كلمة سليمن: سليمان (السطر:1)، وهذا من التأثيرات النبطية في الخط العربي، وحذف همزة القطع في كلمة يسل:يسأل (السطر:1). وتطابقاً مع ما تمت الإشارة إليه في النقش السابق، تبقى هذه الحذوفات سمات خطية شائعة في تنفيذ الكتابة العربية الإسلامية المبكرة.
يفتتح منفذ النقش وصاحبه، أحمد بن سليمان، النص بتثبيت اسمه، يليه الطلب من الله سبحانه وتعالى أن يبلغه الشهادة، ومن ثم يُوقِع تاريخ تنفيذه للنص متبوعاً بالشهادة.


النص الدعائي:
1. "يســأل الله القتل في سبيله" - (السطران 1-2):
يتوجه صاحب النقش، بعد قيامه بتثبيت اسمه، بطلب إلى الله سبحانه وتعالى أن يحقق له أمنيته الشخصية وهي نيل الشهادة في سبيل الله، وهي من الأماني الدعائية التي لها ورود في الكتابات الصخرية المبكرة.
و"سبيل الله" لفظة عامة تقع على كل عمل خالص سُلك به طريق التقرب إلى الله تعالى بأداء الفرائض والنوافل وأنواع التطوعات، وإذا أطلق فهو في الغالب واقع على الجهاد، حتى صار لكثرة الاستعمال كأنه مقصور عليه . أما الجهاد فيعني المبالغة واستفراغ ما في الوسع والطاقة من قول أو فعل في سبيل رفعة الإسلام والمسلمين.
ويبدو أن شخصية هذا النقش ينطلق بسؤاله الطلبي هذا تيمناً بقول الرسول(صلى الله عليه وسلم): "من سأل الله القتل في سبيله صادقاً من قلبه أعطاه الله أجر الشهيد "، ويشير هذا الحديث الصحيح إلى أن التمني في نيل الشهادة والموت شهيداً يتحقق بمعيار صدق النية وإخلاص الأعمال لوجه الله، وبالتالي فإن المرء، بعد مشيئة ورحمة الله، يحقق أجر الشهيد وإن لم يقتل في سبيل الله، ويبلغه الله منازل الشهداء كما ورد في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قوله: "من سأل الله الشهادة من قلبه صادقاً بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه".
وتمشياً مع هدي القرآن الكريم وتعاليمه فهناك آيات كريمة تدل على الترغيب في الجهاد في سبيل الله للمؤمن النافر والوعد له والبشارة بالأجر العظيم والمكانة العالية الرفيعة في الجنة، منها على سبيل المثال قول الله تعالى:
- (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً).
- (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) .
- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ).
1. "وهو يشهد أن / لا إله إلا الله." -(السطران 3-4):
يختم أحمد بن سليمان نصه الكتابي بشهادته على وحدانية الله سبحانه وتعالى في كينونته وفي عبوديته، وكثيراً ما ترد عبارة الشهادة التوحيدية في الكتابات الصخرية والشواهد الحجرية العربية الإسلامية المبكرة ويكون موضعها عادة بالنص إما في بدايته أو في نهايته.
شخصية صاحب النقش:
"أحمد بن سليمــان (البنا ؟)" -(السطر 1):
يظهر اسم صاحب النقش في بداية النص بتركيبه الثنائي مع ملاحظة أن اسمه الأخير لم يتم الاعتناء في رسمه مقارنة مع الاسميين الأوليين، وفي هذه الحالة يصعب على الباحث التعرف إلى قراءته الصحيحة والسليمة لعدم وضوح رسم الحروف المكونة للكلمة كاملة بالشكل المطلوب. أما الاسم الأول والثاني (أحمد وسليمان) فهما من الأسماء الشائعة حتى وقتنا الحاضر، ومن الصعوبة بمكان الوصول إلى معرفة شخصية هذا النقش مع عدم تبيان الاسم الأخير (انظر: الجدول رقم 9).
تاريخ النقش:
"وكتب في / سنة ست وعشرين ومــائتي سنة" - (السطران 2-3):
نفذ السطر الثالث المشتمل على تاريخ النص بخط دقيق للغاية مقارنة مع رسم كلمات السطور الأخرى للنص، ولربما أن صاحب النقش قام بإضافة هذا السطر بعد انتهائه من كتابة النص بالكامل. وقد تجاوزنا، ولله الحمد، الصعوبة التي رافقتنا خلال محاولة فك ما عسر علينا من كلمات هذا السطر ومن ثم قراءته (انظر: الجدولان رقم 7 - 8).
يتزامن تاريخ هذا النقش (226هـ) مع خلافة الخليفة العباسي المعتصم (218-
227هـ/ 833-842م)، وفي ذلك الوقت كانت مكة المكرمة وما جاورها تحت ولاية الوالي العباسي محمد بن داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس، أما بلاد اليمن فكان والياها من قبل الخلافة العباسية النائب منصور بن عبدالرحمن التنوخي والوالي عبد الله بن حمدويه ابن علي بن ماهان، وكلاهما نائبان في ولاية بلاد اليمن عن جعفر بن دينار الخياط، من ثم أصبحا نائبين عن إيتاخ التركي (انظر: الجدول رقم10). وقد قام محمد بن داود بالحج في الناس في هذه السنة.


تضم قائمة النقوش العربية الإسلامية المؤرخة التي كشف عنها على أراضي المملكة العربية السعودية والعائدة للقرن الثالث الهجري (القرن التاسع الميلادي) حتى يومنا هذا ما يقارب من ثلاثة عشر نقشاً مؤرخاً، يستهل هذه القائمة نقش سعد بن إبراهيم، المؤرخ في سنة 204 هجرية (819م)، وينهيها نقش من منطقة تبوك مؤرخ في سنة 300 هجرية (912م). يحتل نقش أحمد بن سليمان، الخاضع للدراسة هنا، المرتبة الرابعة من هذه القائمة، إذ يسبقه مباشرة نقش الحارث بن قيس من منطقة نجران، المؤرخ في سنة 220 هجرية (835م) ويلحق به نقش عنقيد بن كندي بن أبرهة، من منطقة الباحة، المؤرخ في سنة 234 هجرية (848 م) (انظر:الجدول رقم 6-أ، والجدول رقم 6-ب). ووفقاً لذلك تتم إضافة هذا النقش المؤرخ، إلى جانب إضافة النقشين التاليين من هذه الدراسة وكلاهما مؤرخان في سنة 240 هجرية (854 م)، لهذه القائمة العلمية من النقوش الإسلامية المؤرخة؛ وهي بمجملها إضافة علمية مهمة تضفي على مجال دراسة الكتابات الصخرية العربية الإسلامية في المملكة رؤية شمولية من أجل التعمق في معرفة تطور رسم الحرف العربي الإسلامي وحالته البنائية في مختلف أدواره ومراحله التاريخية التي مرت به.


النقش الثالث، (اللوحة رقم 4):
معلومات أولية:
الموقع والمنطقة: أُمّ وقْر (محافظة بيشة).
خط الطول ودائرة العرض: َ30 42ْ –َ15 42ْ شرقاً / َ30 20ْ –َ15 20ْ شمالاً.
نوع الخط:كوفي بسيط.
عدد الأسطر: 3 أسطر.
طريقة التنفيذ: الحز الغائر السميك.
نوع الصخر: جرانيتي داكن.
موضوع النقش:طلب المغفرة من الله.
صاحب النقش: عبد الرحمن بن موسى بن إسماعيل المخزومي.
تاريخ النقش: مؤرخ في سنة 240 هجرية (الموافق لعام 854م).
قراءة نص النقش:
1. اللهم اغفر لعبد الرحمن بن موسى
2. (ا) بن إسمـ(ـا)عيل المخزومي ذنبه العظيم
3. وكتب في ذي القعدة سنة أربعين ومئتي سـ(ـنة)

التحليل العام للنقش:
نفذ هذا النقش الصخري المؤرخ، المحتوي على ثلاثة أسطر، بواسطة الحز الغائر السميك، وذلك باستخدام الخط الكوفي البسيط على سطح صخري جرانيتي التكوين يميل لونه إلى الاحمرار الداكن. تتميز كلمات النص بكبر أحجامها وتساويها، ويخلو النص من التنقيط (الإعجام) أو التنميق الخطي ولا تلحق بالمادة الخطية أي محاولة للزخرفة الكتابية. تبرز بعض السمات الخطية في رسم كلمات هذا النص والمتعارف عليها في النصوص الصخرية المبكرة، من أبرزها: الانحناء الخطافي لقاعدة حرف الألف في بداية الكلمة، وهذا الرسم يتوافق مع النمط التقليدي للألف النبطية (اللهم:1، اغفر:1)؛ المثلث المقلوب حاد الزوايا ليمثل حرف العين بوسط الكلمة (لعبد:1، إسماعيل:2)؛ تطابق صورة جسم حرف الكاف في بداية الكلمة (كتب:3) مع رسم حرف الدال والذال الأخيرة (لعبد:1) وذلك باستطالة الحرف ووجود نتوءً في نهاية سقف الحرف، (انظر: اللوحة رقم:6).
يظهر النص مكتمل المعنى واللفظ ومقروءاً، وخالياً من الأخطاء اللغوية ؛ ومن الهفوات الإملائية الملحوظة في نص هذا النقش هو عدم تثبيت همزة الوصل السابقة لكلمة (بن: 2) لتصبح (ابن) بسبب وقوعها في بداية السطر، وحذف ألف المد الوسطى من الاسم الثالث لصاحب النقش (إسمعيل:
2)، والصحيح إبقاؤها لتصبح (إسماعيل). وهذه من التأثيرات النبطية في الخط العربي، ولها شيوع في نصوص الكتابات والنقوش الصخرية والشاهدية الإسلامية المبكرة.
يفتتح صاحب النقش نصه بدعاء المغفرة له من ذنبه العظيم، ويختتمه بتثبيت تاريخ خطه للنص.



النص الدعائي:
1. "اللهم اغفر(...) ذنبه العظيم"- (السطران 1-2):
يتمحور موضوع نص هذا النقش في دعاء ديني يشتمل على طلب المغفرة من الذنوب (الاستغفار من الذنوب)، وهو من الأدعية الدينية الشائعة في نصوص الكتابات والنقوش الصخرية والشاهدية ويبدو أن تراكيب هذا الدعاء مستوحاة من بعض الآيات القرآنية الكريمة التي تحث المؤمن على الاستغفار من الذنب وتدعوه إلى التوبة الحقة والإنابة قبل أن يأتي العذاب، ومنها على سبيل المثال؛ قول الله تعالى:
- (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالأِبْكَارِ).
- (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ).
- (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاِّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
- (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) .
شخصية صاحب النقش:
"عبدالرحمن بن موسى بن إسمــاعيل المخزومي" - (السطران 1-2):
ينتسب صاحب هذا النقش وشخصيته، عبد الرحمن بن موسى بن إسماعيل المخزومي، إلى بني مخزوم البطن القرشي العدناني المشهور. وتشير المصادر المتاحة بأن مخزوم كان اسماً لأبي حَي من قريش ينتسب إلى يقظـة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ابن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار ابن معد بن عدنان.
وكان لبني مخزوم مقام اجتماعي مرموق في المجتمع المكي عند ظهور الإسلام، واشتهر عن أفراده قيادة الجيوش وقيادة القوافل التجارية المكية وتولي حكم مكة المكرمة. وتشير الدراسات التاريخية الحديثة أن بني مخزوم كانوا يمثلون أكثر البطون القرشية عدداً في مكة المكرمة عند بداية ظهور الدعوة الإسلامية بدورها المكي.ارتبط هذا البطن القرشي، تاريخياً، مع بني عبد شمس إذ كانوا من أكثر البطون القرشية نفوذاً في مكة المكرمة ومن أثراها وقد كانت المنافسة قائمة فيما بين هذين البطنين على المكانة الأولى في مكة المكرمة.
وكما أشير سابقاً في مستهل هذه الدراسة، استوطن محافظة بيشة بطنان من بطون قبيلة قريش، وهما بنو مخزوم وبنو سهم، واتخذوا مدينة المراغة مركزاً لهم إذ ضمت هذه المدينة حصنين مشهورين يعرفان باسم هذين البطنين أحدهما يدعى حصن القرن، وهو مخزومي، والآخر حصن البُرقة، وهو سَهْمي.

وفيما يتعلق بشخصية النقش فإن المصادر التي بين أيدينا لم تسعفنا بالتعرف إلى ترجمة تخصه مع أن مكونات اسم الشخصية (عبدالرحمن، وموسى، وإسماعيل) هي من الأسماء الشائعة والمتعارف عليها منذ القدم والمستخدمة حتى وقتنا الحاضر (انظر: الجدول رقم 9).

تاريخ النقش:
"وكتب في ذي القعدة سنة أربعين ومئتي ســنة "- (السطر رقم 3):
يختتم الكاتب نصه بتدوين تاريخ تنفيذه للنقش موضحاً ذلك بذكر اسم الشهر متبوعاً بالسنة، وهذا هو النقش الثاني في هذه المجموعة من نقوش محافظة بيشة الذي يحمل تاريخه في طياته إشـارة إلى اسم الشهر (انظر الجدولان رقم 7، 8).
يتوافق تاريخ هذا النقش وتاريخ النقش الذي يليه (240 هجرية /854م) مع فترة خلافة الخليفـة العباسي المتوكـل على الله
(232-247هـ/847-861م)؛ وخلال هذه الفترة كانت مكة المكرمة وما جاورها تحت ولاية عبدالله بن محمد بن داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبدالله ابن عباس، أما بلاد اليمن فكانت تحت ولاية محمد بن عبد الله بن زياد (ت 245هـ/859م) إذ سبق أن قلده الخليفة العباسي المأمون الأعمال التهامية سنة 203هـ
(818م) وملك حضرموت وديار كندة والشحر وعدن ولحج وأبين والتهائم إلى حلي، وملك من الجبال أعمال المعافر والجند والمخلاف وخطب لـه في صنعاء وصعدة ونجران وبيحان، أما مدينة صنعاء وما جاورها فقد كانت سنة 240هجرية خاضعة لحكم دولة الأُسرة اليُعفرية برئاسة مؤسسها يُعْفر بن عبدالرحمن الحوالي (232-387هـ/ 847-997م) . (انظر: الجدول رقم 10). وقد قام عبدالله بن محمد بن داود في الحج بالناس في هذه السنة.
ووفقاً لتاريخ هذا النقش وتاريخ النقش الذي يليه المدونين في نصوصهما، تتم إضافتهما إلى قائمة النقوش العربية الإسلامية المؤرخة المكتشفة على أراضي المملكة العربية السعودية، والعائدة للقرن الثالث الهجري (القرن التاسع الميلادي)؛ ويسبقهما في الترتيب الزمني نقش عنقيد بن كندي بن أبرهة، المكتشف في منطقة الباحة والمؤرخ في سنة 234 هجرية (848م) ويلحق بهما، زمنياً، نقش عبدالله بن أحمد بن عبدالله، المكتشف في رواوة بمنطقة المدينة المنورة، المؤرخ في سنة 246 هجرية (860 م) (انظر: الجدول رقم 6 –أ، والجدول رقم 6-ب).


النقش الرابع، (اللوحة رقم 5):
معلومات أولية:
الموقع والمنطقة: أُمّ وقْر (محافظة بيشة).
خط الطول ودائرة العرض: َ30 42ْ –َ15 42ْ شرقاً / َ30 20ْ –َ15 20ْ شمالاً.
نوع الخط: كوفي بسيط.
عدد الأسطر: 3 أسطر.
طريقة التنفيذ: الحز الغائر السميك.
نوع الصخر: جرانيتي أحمر داكن.
موضوع النقش: الإيمان بالله والتوكل عليه.
صاحب النقش: أبو جامع.
تاريخ النقش: مؤرخ في سنة 240 هجرية (الموافق لعام 854م).
قراءة نص النقش:
1. أبو جامع بالله يؤمن
2. وعليه يتوكل
3. سنة أربعين ومائتيـ(ـن)


التحليل العام للنقش:
استخدمت طريقة الحز الغائر السميك في تنفيذ نص هذا النقش المؤرخ، المؤلف من ثلاثة أسطر، على سطح صخري جرانيتي خشن التكوين. تبدو الجودة والإتقان في تنفيذ محتويات النص واضحة، كما يتضح التأني في رسم أجسام حروف الكلمات لجعلها متساوية في الحجم، وبالتالي تظهر أسطر النص متوازية في سمتها ومتساوية بمحتوياتها. يخلو النص من التنقيط (الإعجام)، وتلحق بالمادة الخطية بعض المحاولات البسيطة للزخرفة الكتابية التي هي عبارة عن سمات زخرفية للخط الحجازي؛ وتتواجد هذه السمات الخطية في النهايات الطرفية للكلمة أو في وسطها، ومنها: التقويس نصف الدائري (المحرابي) في جسم السطر الكتابي لكلمة لفظ الجلالة: الله:1؛ والنهاية الشوكية (الرمحية) في هامات الألفات(أبو:1)؛ والتوريق ذو الفص الثنائي في رسم حرف العين الوسطى (أربعين: 3)؛ والتثليث الحاد لهامة حرف التاء المربوطة (الله:1، عليه:2) وحرف الميم في بداية الكلمة (يؤمن:1، مائتين:3)، (انظر اللوحة رقم:6).


يظهر النص واضح المعاني والألفاظ ومكتملاً وخالياً من الهفوات الإملائية واللغوية ما عدا ورود كلمة "مائتي" في نهاية السطر الثالث بهذه الصورة الإملائية مع أن المفترض كتابتها بهذه الصيغة: "مائتين" لعدم لحوق هذا الرقم بكلمة للتمييز العددي، مثل: سنة.
يثبت صاحب النقش في بداية نصه كنيته فقط، من ثم يبدأ في صياغة دعائه المشتمل على إثبات الإيمان بالله سبحانه و تعالى والتوكل عليه؛ وينهي النقش بتثبيت تاريخ خطه للنقش.


النص الدعائي:
1. "بالله يؤمن وعليه يتوكل" - (السطران 1-2):
يتمركز موضوع هذا النقش المؤرخ في دعاء ديني يشتمل على الإيمان والتوكل على الله سبحانه وتعالى، وهي من الصيغ الدينية المتوفرة بكثرة في نصوص النقوش الصخرية العربية الإسلامية. والتوكل على الله يعد من أوصاف المؤمنين الصادقين، ووصف التوكل على الله، أيضاً، بأنه من جماع الإيمان؛ قال الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ). وينبثق مضمون هذا الدعاء الديني في هذا النقش، نصاً وروحاً، من هدي قول الله تعالى في محكم تنزيله: (قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) .
وتحفل العديد من الآيات القرآنية الكريمة بالأمر بإخلاص العبادة لله والتوكل عليه والإنابة إليه، ومنها على سبيل المثال، قول الله تعالى:
- (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).
- (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً).
- (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).


شخصية صاحب النقش:
"أبو جامع" - (السطر 1):
اكتفى صاحب النقش بإيراد كنيته فقط في بداية النص، "أبو جامع" (انظر: الجدول رقم 9)، وجامع من الأسماء الشائعة في تراجم الأعلام بالتاريخ الإسلامي بجانب ورود أسماء لشخصيات إسلامية تحمل في بداياتها الكنية نفسها. هذا ولا يزال اسم جامع مستخدماً، وله شيوع في مجال التسميات حتى عصرنا الحاضر.

تاريخ النقش:
"سنة أربعين ومائتيــن" - (السطر 3):
تتطابق سنة كتابة هذا النقش (240 هجرية) مع تاريخ النقش السابق، والاختلاف الوحيد بين هذين التاريخين هو ذكر اسم شهر ذي القعدة في النقش الأخير (انظر الجدولان رقم 7، 8).
والحالة نفسها تتماثل مع النقش السابق بالنسبة لمكانة هذا النقش بين النقوش العربية الإسلامية المؤرخة المكتشفة على أراضي المملكة العربية السعودية والعائدة للقرن الثالث الهجري (انظر: الجدول رقم 6 –أ، والجدول رقم 6-ب)؛ وهذا التماثل يسري أيضاً بالنسبة للأحداث السياسية التي تزامنت مع فترة تاريخ هذا النقش ووضع الولاة في كل من مكة المكرمة وما جاورها وبلاد اليمن (انظر: الجدول رقم 10).


وفي ختام هذه الدراسة تتضح مكامن أهمية هذه المجموعة من الآثار الخطية الصخرية المؤرخة المكتشفة في محافظة بيشة على أنها تغطي فترة تاريخية مديدة تقارب القرن (من منتصف القرن الثاني حتى منتصف القرن الثالث الهجريين: 141- 240هـ/ 758-854م)؛ وجميع هذه النقوش الأربعة تعد نماذج مصدرية أصيلة يعتمد عليها لتكون مرجعية علمية عند دراسة ومقارنة حالة ووضعية الكتابة العربية الإسلامية الصخرية ومراحل تطورها في فتراتها التاريخية المبكرة. فالنموذج الكتابي الأول يعود لمنتصف القرن الثاني ويفصله، زمنياً، عن فترة النموذج الكتابي الثاني ما يقارب من خمس وثمانين سنة، بينما النموذجان الثالث والرابع يفصلهما عن النموذج الثاني مدة تصل إلى أربع عشرة سنة، وعن النموذج الأول، الأقدم في هذه المجموعة، ردحاً من الزمن يصل إلى تسعٍ وتسعين سنة. تحمل المضامين النصية لهذه الكتابات الصخرية، كغيرها من النقوش والكتابات العربية الإسلامية المبكرة، أدعية دينية تتخللها إثباتات الإيمان والشهادة والتوكل على الله تعالى مستلهمة تراكيبها اللفظية من وحي آيات الكتاب الكريم والسنة النبوية الطاهرة. وأهمية هذه النصوص الدعائية الدينية لا تقف فقط عند محتوياتها المهمة،بل تنبع من قيام أصحابها بتوثيق ما دونه عن طريق إثبات اسم الشهر وتاريخ السنة.

كما تتضح الصلة الرابطة بين هذه النصوص الخطية المؤرخة ومحيطها الجغرافي المجاور عامة، ومسار طريق الحج اليمني الأعلى (النجدي)، على وجه الخصوص؛ لتعكس النصوص بذلك مجريات الحياة وإيقاعاتها وحيويتها المستمدة من النشاط الإنساني على بقاع المعمورة؛ مبرزة في الوقت ذاته خوالج النفس الإنسانية ومجسدة على الواقع المعايش همومه المعيشية ومكابدته للحياة الدنيا مع ما يجيش في عقله وضميره وخاطره من تطلعات ربانية لليوم الآخر، جذوتها قوة في العقيدة ووهجها ثبات في الإيمان وتوجه بجميع الأحاسيس والجوارح إلى الخالق المدبر الواحد الأحد الفرد الصمد.

وعليه، تضيف دراسة هذه المجموعة من النقوش الإسلامية المؤرخة، إلى جانب ما عثر عليه من كتابات أخرى مؤرخة وغير مؤرخة على ضفتي مسار طريق الحج اليمني الأعلى (النجدي) الذي يصل مدينة صنعاء بمكة المكرمة، معطيات علمية مهمة تخدم تحديد الأطر التاريخية والحضارية لتاريخ استخدام هذا الطريق ومدى حيوية محطاته ومنازله ومناهله الواقعة على امتداد مساره.







لتحميل ملف البحث من هنا
غريب الاوطان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

قديم 09-10-2009, 09:37 PM   #2
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 1,616
معدل تقييم المستوى: 33
رابعة العدوية has a spectacular aura aboutرابعة العدوية has a spectacular aura about
افتراضي

مشكور غريب الأوطان
على هذه المعلومات القيمه

وفعلا النقوش تبقى تذكر الناس بمن كتبها

لو بعد ألاف السنيييين

يبغالي أسوي لي نقش في راس مخطوفه

وبكتب تحت الكلام
http://www.alhebah.com
__________________

وكن في الحياة عفيف الخطى ************** شريف السماع كريم النظر

وكن رجلا إن أتوا بعده ************* يقولون مــر وهــــــذا الأثــر
رابعة العدوية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

قديم 10-10-2009, 07:00 AM   #3
 
تاريخ التسجيل: May 2009
الدولة: جده ام الرخاء والشده
المشاركات: 1,326
معدل تقييم المستوى: 31
نواف السراد has a spectacular aura aboutنواف السراد has a spectacular aura aboutنواف السراد has a spectacular aura about
افتراضي

الله يعطيك العافيه
__________________
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
إهداء من مراقب المنتديات الأدبية
مدونة نواف السراد بالبلوقر
نواف السراد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

قديم 10-10-2009, 01:20 PM   #4
 
الصورة الرمزية عود الآراك
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 8,866
معدل تقييم المستوى: 107
عود الآراك is just really niceعود الآراك is just really niceعود الآراك is just really niceعود الآراك is just really nice
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب الاوطان مشاهدة المشاركة

تعد مدينة بيشة الحالية، وما جاورها من قرى وبلدان مثل مدينة تُبالة الكائنة في النطاق الجغرافي لمحافظة بيشة، من ضمن أبرز الحواضر العربية القديمة لوقوعها على امتداد القطاع الجنوبي من مسار درب البخور التاريخي الذي كان يربط المراكز الحضارية في جنوب الجزيرة العربية بشمالها. لعبت حواضر محافظة بيشة، كغيرها من حواضر جنوبي غرب الجزيرة العربية، بعد ظهور الإسلام دورها التاريخي والحضاري لكونها محطات رئيسة واقعة على مسار طريق الحج اليمني الأعلى (النجدي) الواصل بين صنعاء ومكة المكرمة المخترق لأراضي المنطقة.

:msa (33):
عود الآراك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

قديم 24-10-2009, 10:24 PM   #5
مراقب المنتديات الإخبارية
 
الصورة الرمزية أسـ آل حبه ــد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 559
معدل تقييم المستوى: 21
أسـ آل حبه ــد will become famous soon enough
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
__________________
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أسـ آل حبه ــد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
محافظة, مؤرخة, الأعلى, الحمود, الحج, بيشة, إسلامية, نقوش, طريق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

ترتيب منتديات قبيلة آل حبه عالميا
 

الساعة الآن 05:07 PM


Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009
الأرشيف
تصميم المنافع لتقنية المعلومات