السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
يحكى أن رجلا سمع آخر عند الكعبة يدعوويقول: اللهم اغفر لي وما أراك تفعل ! فقال له: ويحك يا هذا ، ما أعجب يأسك من عفو الله !
قال : إن لي ذنباً عظيماً ! فقلت : أخبرني .
قال : بالموصل ، فأمرنا يومَ جمعة ، فاعترضنا المسجد ، فقتلنا ثلاثين ألفاً ، ثم نادى مناديه : من علق سوطه على دار فالدار وما فيها له ، فعلقت سوطي على دار ودخلتها ، فإذا فيها رجل وامرأة وإبنان لهما ، فقدمت الرجل فقتلته ، ثم قلت للمرأة : هاتي ما عندك ! ولا ألحقت إبنيك به ، فجاءتني بسبعة دنانير .
فقلت : هاتي ما عندك ؟ فقالت : ما عندي غيرها ، فقدّمت أحد إبنيها فقتلته .
ثم قلت : هاتي ما عندك و إلا ألحقت الآخر به ، فلما رأت الجد مني .
قالت : أرفق ! فإن عندي شيئاً كان أودعنيه أبوهما ، فجاءتني بدرع مذهبة لم أر مثلها في حسنها ، فجعلت أقلبها فإذا عليها مكتوب بالذهب :
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا == فالظلم آخره يأتيك بالندم
تنام عيناك و المظلوم منتبه == يدعو عليك و عين الله لم تنم
فسقط السيف من يدي وارتعدت ، وخرجت من وجهي إلى حيث ترى.
أيها الأخوة
لقد حرم الله الظلم على نفسه ثم حرمه على خلقه و هو من أشد الذنوب و المعاصي قال الله تعالى : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) و قال صلى الله عليه و سلم في الحديث القدسي العظيم : (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي و جعلته بينكم محرما فلا تظالموا) و قال صلى الله عليه و سلم : (من اقتطع حقَّ امرئٍ مسلمٍ بيمينِه ، فقد أوجب اللهُ له النارَ ، وحرم عليه الجنةَ . فقال له رجلٌ : وإن كان شيئًا يسيرًا ، يا رسولَ اللهِ ؟ قال : وإن قضيبًا من أراكٍ) رواه مسلم.
أيها الإخوة
لو أردنا أن نستطرد في ذكر الظلم و أسبابه و عواقبه لطال بنا الحديث و لكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق و لتعلم أن حقوق العباد مبنية على المشاحة فقد يغفر الله لك الذنب الذي بينك و بينه لكن الظلم لابد فيه من القصاص و إن لم يكن القصاص في الدنيا فلن يذهب في الآخرة.
المختصر لا تظلم أحدا حتى ولدك الذي من صلبك و إن استطعت أن تعيش و تموت لا ظالما و لا مظلوما فهي بأحسن المراتب و إن لم تستطع فمت مظلوما و لا تمت ظالما.
إلى اللقاء