إن مواعظ القرآن تُذيب الحديد ،
و للفهوم كل لحظة زجرجديد ،
و للقلوب النيرة كل يوم به وعيد ،
غير أن الغافل يتلوه و لا يستفيد ..
كان بشر الحافي طويل السهر
يقول :
أخاف أن يأتي أمر الله و أنا نائم.
من تصور زوال المحن و بقاء الثناء
هان الابتلاء عليه ،
و من تفكر في زوال اللذات وبقاء العار
هان تركهاعنده ،
و ما يُلاحظ العواقب إلا بصر ثاقب .
عجباً لمؤثر الفانية على الباقية ،
و لبائع البحر الخضم بساقية ،
و لمختار دارالكدر على الصافية ،
و لمقدم حب الأمراض على العافية .
قدم على محمد بن واسع ابن عم له فقال له من أين أقبلت ؟
قال : من طلب الدنيا ،
فقال : هل أدركتها ؟
قال لا ،
فقال : واعجباً !
أنت تطلب شيئاً لم تدركه ،
فكيف تدرك شيئاً لم تطلبه .
يُجمع الناس كلهم في صعيد ،
و ينقسمون إلى شقي و سعيد ،
فقوم قد حلّ بهم الوعيد ،
وقوم قيامتهم نزهة و عيد ،
و كل عامل يغترف من مشربه .
كم نظرة تحلو في العاجلة ،
مرارتها لا تُـطاق في الآخرة ،
يا ابن أدم قلبك قلب ضعيف ،
و رأيك في إطلاق الطرف رأي سخيف ،
فكم نظرة محتقرة زلت بها الأقدام.
يا طفل الهوى !
متى يؤنس منك رشد ،
عينك مطلقة في الحرام ،
و لسانك مهمل في الآثام ،
و جسدك يتعب في كسب الحطام.
أين ندمك على ذنوبك ؟
أين حسرتك على عيوبك ؟
إلى متى تؤذي بالذنب نفسك ،
و تضيع يومك تضييعك أمسك ،
لا مع الصادقين لك قدم ،
ولا مع التائبين لك ندم ،
هلاّ بسطت في الدجى يداً سائلة ،
و أجريت في السحر دموعاًسائلة .
تحب أولادك طبعاً فأحبب والديك شرعاً ،
و ازرع أصلاً أثمر فرعاً ،
و اذكر لطفهما بك و طيب المرعى
أولاً و أخيرا ،
فتصدق عنهما إن كانا ميتين ،
و استغفر لهما و اقض عنهما الدين.
من لك إذا الم الألم ، و سكن الصوت
و تمكن الندم ، ووقع الفوت ،
و أقبل لأخذ الروح ملك الموت ،
و نزلت منزلاً ليس بمسكون ،
فيا أسفاً لك كيف تكون ،
و أهوال القبر لا تطاق: