05-02-2009, 11:48 PM
|
#1
|
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: السعودية
المشاركات: 5,756
معدل تقييم المستوى: 100
|
والله إنك علة
«والله إنك علة»
للكاتب
صالح إبراهيم الطريقي
جريدة عكاظ
يعن على بالي أن أعود بين حين وآخر لبعض الكتب التي قرأتها، فبعض الكتب لا تحتويها قراءة واحدة، بعضها لا يمكن لك أن تكملها لأسباب كثيرة، بالأمس القريب عدت لقراءة كتاب "فلسفة الأسطورة" للفيلسوف الروسي "إليكس لوسيف".
هذا الكتاب في كل مرة يستوقفني جزء منه لم أنتبه له في قراءتي الأولى، استوقفني هذه المرة ما كتب في الصفحة 49.
فقد مضى الفيلسوف يتحدث عن ضعف علم النفس في تفسير الإنسان، واتكأ على مثال الإهانة، وأن علم النفس يفسر الإهانة على أنها شعور نقيض الشعور باللذة "أي الألم" .
وهذا تفسير شرطي غير دقيق كما يعتقد "إليكس"، وأن هناك ما يناقض هذا التفسير، ألا وهو أن الكثير يحبون أن يهانوا، بمعنى أنهم يجدون لذة في الاضطهاد، واستشهد بما كتبه الروائي الروسي "ديستوفسكي" في رواية "الإخوة كارامازوف"، حين دار حوار بين الأب والقسيس، يقول الأب: "تماما .. تماما، هذه هي الحقيقة، إن في إهانة المرء نفسه لذة، لقد أحسنت الإفصاح عن الحقيقة، وتلك أول مرة أسمع فيها هذا الكلام، لقد ظللت طوال حياتي أهين نفسي، نشدانا للذة، بل وطلبا للجمال، لأن الإهانة ليست متعة فحسب، بل ويمكن أحيانا أن يكون فيها جمال أيضا".
أغلقت الكتاب لأن عقلي استحث ذاكرتي، ليحضر تلك الشخصيات التي كانت تتمتع بالإهانة، وهل للإهانة جمالها الخاص
كانت المرأة حاضرة في ذاكرتي، ربما لأن الطرح السائد في إعلامنا يتحدث عن إهانة المجتمع للمرأة، مع أن المرأة تضطهد وتغتصب في أنحاء العالم.
حين أقرأ مقالات لبعض الكاتبات اللاتي يحاربن ضد اضطهاد المرأة، يخيل لي أنهن لا يشعرن بمتعة ولذة في اضطهادهن، ولكن ماذا عن كاتبات أخريات يرين أنه لا يوجد اضطهاد، هل هن يتمتعن بالاضطهاد، أم أن الكاتبات اللاتي يرفضن الاضطهاد واهمات
أحيانا حين أقوم بتلبية بعض الدعوات الاجتماعية، لا أحتاج لتركيز دقيق لأعرف كيف هو الرجل يرى المرأة، في نفس الوقت كيف هي تغويه، وأتساءل: أي أسطورة هي تلك العلاقة، فمن جهة هو ينظر لها بنظرة دونية، وهذه النظرة فيها شيء من الإهانة، من جهة أخرى هو يطاردها بشكل مثير للدهشة، كفريسة يجد لذة في اصطيادها لتحقق له الإشباع .
تذكرت قصة الخليفة عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" قبل الإسلام، كان قد صنع صنما من تمر، يحترمه قليلا ويأكله قليلا.
تخيلت أن الرجل السعودي يفعل هذا مع المرأة، يجلس بجانبها يحاول إقناعها أنها صنمه، وحين تقتنع وتسمح له بأن يأكلها، يمضي لأصدقائه يثرثرون عن غباء المرأة، وحين يخطئ أحدهم وهم يلعبون "البلوت"، يعنفه الآخر قائلا : "والله أنك علة مثل الحريم" .
ضحكت على هذا المشهد، وعدت لأكمل القراءة، قبل أن أقلب الصفحة كتبت بقلم الرصاص «هل المرأة تبحث عن الإهانة نشدانا للذة والجمال»
__________________
لتكن خطواتك على رملٍ نديّ ... لا يُسمع لها صوت ... وآثارها بيّنة ...
|
|
|