يحكى أن قطاً أفسد حياة مجموعة من الفئران من كثرة ما يقتل منها, فقرر الفئران أن يجتمعوا جميعا لبحث الحلول الممكنة للحد من فتك هذا القط بهم . تداولت الفئران مجموعة من الحلول و اتفقوا في النهاية على حل و هو أن يقوموا بتعليق جرس في رقبة القط و الذي سيصدر صوتا عند إقبال القط مما يجعل الفئران تهرب . بعد الاتفاق نظر بعضهم الى بعض و قالوا: لكن, من سيعلق الجرس؟ فحاروا جوابا.
فالذي كانت الفئران تفتقده هو المبادرة و من يقول أنا, مع ما في ذلك من مخاطر.
فالمبادرة خلق جميل من ألوان الشجاعة و النجدة ينبغي لكل أب و معلم و مربي أن يبنيها في من هم تحت رعايته لأنها جزء من التربية و إذا كبر الصغير خاملا لا يعمل إلا ما يطلب منه و كأنه آلة تُحرًك بالتحكم عن بعد, فإنه يصعب نفثها فيه إذا كبر. كثير من المشاريع التربوية و الاجتماعية تفشل لأنه لا أحد يقول أنا لها و يبدأ العمل و ليس بالضرورة أن يكون فردا بل قد نحتاج مجموعة تقول نحن لها. لقد كان النبي صلى الله عليه و سلم يشجع هذه الروح بين أصحابه في كل المجالات فتراه يقول: من يقري هذا الضيف و تارة من يقضي دين الميت و تارة من يأتيني برأس كعب بن الأشرف , من يأخذ هذا السيف بحقه و في كل حال يلقى من الصحابة من يقول أنا و لا أعلم أنه طلب أي شيء من الصحابة إلا و لقي من يقول أنا إلا ما كان في ليلة الخندق التي قال الله فيها : ( إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ) سورة الأحزاب, حيث قال النبي صلى الله عليه و سلم: من يأتيني بخبر القوم فلم يقم أحد ثلاث مرات ثم قال : أين حذيفة بن اليمان, قال حذيفة : فلم أجد بُداً إذ دعاني بإسمي إلا أن أجيب, إلى آخر القصة الموجودة في السيرة و الذي يدل على أن روح المبادرة لدى الصحابة كانت عالية إلا في هذا الموقف العصيب فما أجدر أن نبنيها في أنفسنا و من حولنا.
لو كان في الألف منا واحد فدعوا**** من فارس؟ خالهم إياه يعنينا
و إلى اللقاء
__________________
″والله يريد أن يتوب عليكم و يريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما″