حب و انتقام

انحنى بكل كبريائه بين يدي دمعة الم

ثم جثى على ركبه تحت قدميها

مررت سيفها على كتفيه

لتنصبه فارسا لديها


فهو بطلها الذي خاض حروبا


من اجل عينيها


فأخضعت ممالك الأرض لها


فبسطت مُـلكها عليه


صرفت الجميع وأبقته لديها


نزلت من عرشها


مدت إليه يديها


قالت :- قف أيها الفارس


فوقفت وهو ينظر إليها


ملكة ألقى الجمال رحاله عندها

واستوطن فيها يأبى فراق قربها


لن يبالغ إن قال أن الجمال يغار من جمالها


وأن الأنوثة اكتشفت


إن الأنوثة ذاتها منبعها لديها


اقتربت دمعة الم رويدا رويدا


تلاصق جسدها بجسده


مدت يديها تريد يديه

فأخذها وهومذهول مما يجري


هاني فارسا مهاب هو ؟


لا

أصبح جسدا مرتعشا ولسانه هذي


رحلت جبروته وشعر بدبيب في قلبه

وتلعثمت حروفه مابين لسانه وشفتيه


عجبا لأمره


ليس هو ذاك الفارس الذي أطاح ممالك بيديه؟

ما هذا الذي يجري؟


لست ادري


لست ادري



قالت دمعة الم


أيها الفارس تحرر من نفسك عندي


فأنا عاشقة لك ليس لفارس يقود جيشي

إني أمنحك قلبي

وروحي وجسدي


اقترب أكثر لتذوق شهدي

وأمنحك هوى لن تذوقه بعدي


فكان الذي كان


أصبح هاني أطوع عندها من خاتم في البنان


فألقمه الهوى عبر الشفتان


بين ليلة وضحاها أصبح عاشقا


وكأنه ليس اعتى الفرسان


تهاوت دمعة الم مغشية عليها بين يديه


ويح قلبه مما آل إليه أمرها و أمره


حملها ووضعها على عرشها


ووقف من فرط الذهول يتأملها


مابين نحرها وصدرها سكب الجمان نفسه


وجرى حيث مجرى الأنهارعندها


استفاقت دمعة الم من بعد إغماء


وقالت :- ماذا فعلت بي؟

أسكرتني فصرت لا اعرف ما الألف وماالياء

ما كنت اعرف أنك تعرف شي غير سفك الدماء

‏أنصرف الآن وسألقاك في المساء


في المساء


القمر بدرا ينير تلك الحديقة الغناء


أرجوحة هناك بالقرب منها نافورة ماء


والسكون سيدا والصمت يراقص الهواء


وعلى الأرجوحة


جلست دمعة الم تتأرجح بهدوء وسكينة


تنتظره فقد أمرت حراسها أن يحضروه إليها


وقف وهو يتأمل فستانها الأبيض


الذي يشف ما تحته كالماء


ويديها التي تكاد تكون حمراء


وما بين نحرها وصدرها


انعكس بريق كاد أن يخطف


من عينيه أبصارها


للوهلة الأولى ظن بأن قمرين على صدرها


قد أختلفا مع الشمس فتركا السماء


قالت دمعة الم : أقترب


دنى منها هاني والخوف يهز أوصاله


والعشق قد استبد في قلبه وأعلن احتضاره


انحنى بأدب جم قائلا:


سيدتي


قالت :

أقترب واجلس بجواري


دنى من أرجوحتها التي فتلت بخيوط من ذهب


وجلس بجوارها وقد هاله ما رأى من العجب


قالت له دمعة الم : أتذكر ما فعلت بي بالأمس ؟؟

تلك القبلة التي أودت بي نحو عالم العشق


وألغت حواسي الخمس


أجابها



اذكرها ولا أنساها

قد نال مني العشق ما نال منك بالأمس


قالت : اقترب مني أكثر ودعني أعيد التاريخ من جديد


واحذر يا فارسي أن تتفوه بما يحدث بينا لقريب أو بعيد


فأنا دمعة الم الملكة التي لا يجب أن تهب قلبها


لفارس قاد جيشها لكل نصر فريد


لكن الهوى يا فارسي من جعلني أذوب بين يديك كالجليد


و مضيا في اعادة التاريخ من جديد


تاريخ الأمس الفريد


حين ثمل وثملت من قبلة


لا تهدأ وعن احترام الذات لا تحيد


في الغد


استدعته أمام وزرائها وحكمائها


وكأنها لا تعرفه


ولا تعرف الهوى بالأمس كيف طرق أبوابها


قالت له دمعة الم


أيها الفارس


غدا ستغزو مملكة أخرى خلف الجبال


مملكة الملكة سلمى


يقال بأن جيشها من أقوى الرجال


لكني أثق بفارسي فهو خبرة في القتال


خذ ما يلزمك من جنود


ولا تعود إلا برأس ملكتهم سلمى

وامدد سيطرتك على مملكتها


ولديك تصريح بقتل كل من يتمرد عليك


أو يرفض أن ينزوي تحت لواء مملكتي


ذهب الفارس الى غزوته


لكنه أبدا لم يكن ذاك الفارس الذي تهابه الرجال


كان كل ما يراه في عينه الملكة دمعة الم


صدرها وشفتيها


جمالها وسحرها


جنونه بها وعشق الأبدي للبقاء قربها


أصبح يخشي الموت في المعارك مخافة أن يفقدها


وبدأت المعركة


وتهاوت مع أولى ضربات الأعداء كتيبته اليمنى


وتهاوت كتيبته اليسرى


ومع كل صرخات الجرحى يتهادى له صوتها


ومع كل دماء تلطخ يده


يرى في الدماء حمرة خدها


لم يكن يرى شيء سوى الملكة دمعة الم وعشقها


و لا يشعر بشيء سوى حبها


وشوقه للعودة إليها


فسقط بالأسر من بعد هُزم في المعركة شر هزيمة


هاني الفارس الأسير

واخير سقط هاني الفارس المهاب


في زنزانة صغيرة


جلس وحيدا يلعن حظوظه التعيسة


و يستعيد ذاكرته كيف أصبح


عاشقا للملكه دمعة الم


وكيف استولت على عقله وفكره


فجعلته يسقط أسير


وعند منتصف الليل بقليل


فتح باب زنزانته ودخل حارس طويل


الملكة تطلب لقائك أيها الاسير


قام وقد صلب طوله


ومضى مع الحارس يجر قيوده


وإكراما لفروسيته فقد كبلوه بسلاسل ذهبية


ادخلوه قاعة حمراء

مرتبة بشكل رائع


و في صدرها عرش مزركش بشتى الألوان


وجواهر وأحجار كريمة رصت بإتقان


فكوا أغلاله


صوت أنثوي جاء من خلفه


يأمر الحراس لكي يفكوا أسرهاني


وبينما الحراس يفكون أغلاله


مرت بجانبه إلى عرشها


الملكة من خسر المعركة أمامها


الملكة سلمى


وحين وصلت إلى عرشها


وكان لا يبصر إلا ظهرها


استدارت لتجلس


فإذا به يرى الشمس قد ضلت عن مدارها


واتخذت الأرض مدارا لها وحدها


أواااا ه مما يرى


كل وصفا ظالما في حقها

بادرته قائلة :


أخيرا وقعت في الأسر أيها الفارس


كانوا يقصون عنك القصص


في قوتك وبراعتك في المعارك


وبأنك شجاعا جدا


وتقدم على الموت بقلب ميت هالك


اتسائل ما الذي جعلك تخسر هذه المرة


وجيشك أقوى من جيشي ؟


وعلى رأس جيشي قائد لا يملك خبرتك في المعارك؟


قال هاني الفارس :


جيش من الوعول يقوده أسد



خير من جيش من الأسود يقوده وعل


قالت الملكة سلمى :


هلا أفصحت أيها الفارس؟


قال هاني :


حين كنت أنتصر في معاركي


كنت بلا قلب يحب أو يرحم


قلبي ميت و الدماء مائي


وعشقي الأوحد هو لدم


سقطت في عشق ملكتي دمعة الم


حين قبلتني وقبلتها في ليلة البدر فيها قد تم


حين ألقمتني شفتيها وتذوقت شهد


من بعد أن كنت أدمنت الدم


فأحببت الحياة لأجلها فخفت الموت في قتالي


أمام جيشك فخسرت معركتي


ووقعت في أسرك


هذه حكايتي وما أنا عليها ندم


قالت الملكة سلمى :


كم من رجلا أذله حبه و قتله عشقه


وكم من ملك مال به عرشه وسقط في بحور العشق


فليت ساعة مندم


أني باعثه برسالة لملكتك دمعة الم


أفاديك بها لأثبت لك


بأنها لم تحبك يوما أيها الفارس النبيل


وأنك كنت مجرد نزوة عشقا


حين بادرتك بالتقبيل


قال هاني الفارس :


مستحيل



أنت لم تري كيف كانت عمق القبل


وآهات ونشوة و صهيل


ابعثي بالرسالة و سترين كيف تفديني بروحها


وكل ما تملك من جواهر ودر ثمين


نادت الملكة سلمى قائلة :



أيها الحاجب


آتني بورقة وقلم ومحبرة


اجابها الحاجب بخضوع :


أمر مولاتي


لحظات وما طلبته كان عندها


وبدأت تكتب الرسالة نصها مايلي :


من الملكة سلمى


إلى الملكة دمعة الم


قد وقع فارسك لدي أسير


إما أن تبعثي لي بألف جوهرة


وألف فرس أصيل


أو اجعل دمه يسيل


سأقتله واخرج قلبه من صدره


وابعث به إليك قتيل


نادت بالحاجب :


أيها الحاجب

بخضوع أجابها :


نعم مولاتي


الملكة سلمى :


خذه هذه الرسالة وأعطها لأحد الفرسان


ليرحل بها الليلة للملكة دمعة الم ولا يعود إلا برد منها

الحاجب :- أمر مولاتي


التفتت إلى هاني الفارس الأسير


وقالت له :


مصيرك معلق برد من تقول أنها حبيبتك الملكة دمعة الم


وإن غدا لناظره لقريب


أيها الحراس خذوه إلى زنزانته لكن دعوه دون تكبيل



وانصرفت كما أتت وكأن الحياة لديه توقفت


في انتظار رد الملكة دمعة الم


على الملكة سلمى ما أرسلت

في الغد وفي نفس الوقت بالدقائق و العد


دخل الحارس زنزانته قائلا :


الملكة سلمى تطلبك قم معي


وفي نفس القاعة الحمراء


جلست الملكة سلمى وبيدها رسالة المصير


رد الملكة دمعة الم بحق هاني الفارس الأسير


انحنى هاني الفارس بأدب جم ملقيا تحية المساء


والاطمئنان حاله فهو على يقين بأن حبيبته دمعة الم


قد وافقت على تفديه بما طلبت الملكة سلمى


قالت الملكة سلمى:

خذ أيها الفارس النبيل


واقرأ رد ملكتك دمعة الم


اخذ الفارس رسالة دمعة الم

وإذا به يقرأ :


من الملكة دمعة الم إلى الملكة سلمى


أما وقد وقع فارسنا لديك أسير

فأني لست أراه بالفروسية جدير


ذات مرة قبلته فظن بأن قلبي أصبح لديه أسير


لم يدرك بأنه كان مجرد نزوة جسد انتهت بإحساس مثير


وبأنه مجرد آلة للقتل وقائد محنك لتحقيق مخططي الشرير

اقتليه لايهمني أمره

أو احتفظي به فهو في رشف الثغور مثير

الملكة سلمى


جثا على ركبتيه الفارس الأسير


وانكب يبكي حاله


ودمعه يسقط على السطر الأخير


فاختلط الدمع بمداد القلم


فذابت الورقة من و طأه الألم الكبير


رفع رأسه


فإذا به يرى الملكة سلمى


تشاركه الدمع الغزير


ما ارحمها من أنثى


وأنا من أتى لقتالها بجيش كبير


بادرته قائلة :


قم يا هاني ليس مثلك من يبكي

ولا هي من تستحق دمعك الغزير


قد و هبتك نفسي زوجة وتنازلت عن ملكي لأجلك

وغدا سأتوجك أمام شعبي ملكا عليهم


وعلى قلبي توجتك حبيبا من قبل أن تصبح لدي أسير


في الصباح أعُلن تتويج الملك هاني على مملكة سلمى

وزواجه منها لتصبح الفرحة فرحتان


في أثناء مراسيم التتويج

اقسم الملك هاني على الانتقام

وأن يغزوا يوما مملكة دمعة الم

وأن يطأ رأسها دوسا بالأقدام


دعوا الملك هاني يهنىء بزواجه وبمُلكه الأن

وقريبا ساقدم لكم ملحمة الانتقام

مشكووووووووووووووور

يعطيك ألف عافية

نتطلع لجديدك

وفقك الله

يعطيك العافيه وبارك الله فيك